معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمۡ يَتَغَامَزُونَ} (30)

{ وإذا مروا بهم } يعني مر المؤمنون بالكفار ، { يتغامزون } والغمز الإشارة بالجفن والحاجب ، أي يشيرون إليهم بالأعين استهزاءً .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمۡ يَتَغَامَزُونَ} (30)

يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين ، أي : يستهزئون بهم ويحتقرونهم{[29864]} وإذا مروا بالمؤمنين يتغامزون عليهم ، أي : محتقرين لهم ،


[29864]:- (1) في أ: "يحقرونهم".

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمۡ يَتَغَامَزُونَ} (30)

وإذا مروا بهم يتغامزون يغمز بعضهم بعضا ويشيرون بأعينهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمۡ يَتَغَامَزُونَ} (30)

الضمير في { مروا } للمؤمنين ، ويحتمل أن يكون للكفار ، وأما الضمير في { يتغامزون } فهو للكفار لا يحتمل غير ذلك ، وكذلك في قوله : { انقلبوا فاكهين }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمۡ يَتَغَامَزُونَ} (30)

و { إذا } في المواضع الثلاثة مستعمل للزمان الماضي كقوله تعالى : { ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً } [ التوبة : 92 ] وقوله : { وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به } [ النساء : 83 ] .

والمقصود من ذكره أنه بعد أن ذكر حال المشركين على حِدة ، وذكر حال المسلمين على حِدة ، أعقب بما فيه صفة لعاقبة المشركين في معاملتهم للمؤمنين في الدنيا ليعلموا جزاء الفريقين معاً .

وإصدار ذلك المقال يوم القيامة مستعمل في التنديم والتشميت كما اقتضته خلاصته من قوله : { فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون } إلى آخر السورة .

والافتتاح ب { إن الذين أجرموا } بصورة الكلام المؤكد لإفادة الاهتمام بالكلام وذلك كثير في افتتاح الكلام المراد إعلانه ليتوجه بذلك الافتتاح جميع السامعين إلى استماعه للإِشعار بأنه خبر مهم . والمراد ب { الذين أجرموا } المشركون من أهل مكة وخاصة صناديدهم .

وهم أبو جهل ، والوليد بن المغيرة ، وعقبة بن أبي معيط ، والعاص بن وائل ، والأسود بن عبد يغوث ، والعاص بن هشام ، والنضْر بن الحارث ، كانوا يضحكون من عمار بن ياسر ، وخباب بن الأرَتّ ، وبلال ، وصهيب ، ويستهزئون بهم .

وعبر بالموصول وهذه الصلة : { الذين أجرموا } للتنبيه على أن ما أخبر به عنهم هو إجرام ، وليظهر موقع قوله : { هل ثُوِّب الكفار ما كانوا يفعلون } [ المطففين : 36 ] .

والإِجرام : ارتكاب الجُرم وهو الإثم العظيم ، وأعظم بالإِجرام الكُفر ويؤذن تركيب « كانوا يضحكون » بأن ذلك صفة ملازمة لهم في الماضي ، وصوغ { يضحكون } بصيغة المضارع للدلالة على تكرر ذلك منهم وأنه ديدن لهم .

وتعدية فعل { يضحكون } إلى الباعث على الضحك بحرف { مِن } هو الغالب في تعدية أفعال هذه المادة على أن ( مِن ) ابتدائية تشبَّه الحالةُ التي تبعث على الضحك بمكان يَصدر عنه الضحك ، ومثله أفعال : سخر منه ، وعجب منه .

ومعنى يضحكون منهم : يضحكون من حالهم فكان المشركون لبطرهم يهزأوون بالمؤمنين ومعظمهم ضعاف أهل مكة فيضحكون منهم ، والظاهر أن هذا يحصل في نواديهم حين يتحدثون بحالهم بخلاف قوله : { وإذا مرّوا بهم يتغامزون } .

واعلم أنه إذا كان سبب الضحك حالة خاصة من أحوال كان المجرور اسم تلك الحالة نحو : { فتبسم ضاحكاً مِن قولها } [ النمل : 19 ] وإذا كان مجموعَ هيئة الشيء كان المجرور اسم الذات صاحبة الأحوال لأن اسم الذات أجمع للمعروف من أحوالها نحو : { وكنتم منهم تضحكون } [ المؤمنون : 110 ] . وقول عبد يغوث الحارث :

وتَضحك منّي شَيْخَةٌ عبشميّة *** كأنْ لَم تَرى قبلي أسيراً يمانياً

والتغامز : تفاعل من الغمز ويُطلق على جسّ الشيء باليد جسّاً مكيناً ، ومنه غمز القناة لتقويمها وإزالةِ كعوبها . وفي حديث عائشة : « لقد رأيتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا مضطجعة بينه وبين القبلة فإذا أراد أن يسجد غمزَ رِجْلَيَّ فقبضتُهما » .

ويطلق الغمز على تحريك الطَّرْف لقصد تنبيه الناظر لما عسى أن يفوته النظر إليه من أحوال في المقام وكلا الإِطلاقين يصح حمل المعنى في الآية عليه .

وضمير { مروا } يجوز أن يعود إلى { الذين أجرموا } فيكون ضمير { بهم } عائداً إلى { الذين آمنوا } ، ويجوز العكس ، وأما ضمير { يتغامزون } فمتمحّض للعود إلى { الذين أجرموا } .

والمعنى : وإذا مرّ المؤمنون بالذين أجرموا وهم في مجالسهم يتغامز المجرمون حين مرور المؤمنين أوْ وإذا مرّ الذين أجرموا بالذين آمنوا وهم في عملهم وفي عسر حالهم يتغامز المجرمون حين مرورهم ، وإنما يتغامزون من دون إعلان السخرية بهم اتقاء لتطاول المؤمنين عليهم بالسب لأن المؤمنين قد كانوا كثيراً بمكة حين نزول هذه السورة ، فكان هذا دأب المشركين في معاملتهم وهو الذي يُقرَّعُون به يوم القيامة .