وقوله : فَحَشَر فَنادَى يقول : فجمع قومه وأتباعه . فنادى فيهم فَقالَ لهم : أنا رَبّكُمُ الأعْلَى الذي كلّ ربّ دوني ، وكذَبَ الأحمقُ . وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فَحَشَر فَنادَى قال : صرخ وحشر قومه ، فنادى فيهم ، فلما اجتمعوا قال : أنا ربكم الأعلى ، فأخذه الله نَكالَ الاَخرةِ والأولى .
والعمل الذي يسعى إليه يبينه قوله تعالى : { فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى } فثلاثتها مرتبة على { يسعى } .
فجملة { فحشر } عطف على جملة { يسعى } لأن فرعون بذل حرصه ليقنع رعيته بأنه الربُّ الأعلى خشية شيوع دعوة موسى لعبادة الرب الحق .
ويجوز أن يكون { أدبر } على حقيقته ، أي ترك ذلك المجمع بأن قام معرضاً إعلاناً بغضبه على موسى ويكون { يسعى } مستعملاً في حقيقته أيضاً ، أي قام يشتدّ في مشيه وهي مشية الغاضب المعرض .
والحشر : جمع الناس ، وهذا الحشر هو المبيّن في قوله تعالى : { قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم } [ الشعراء : 36 ، 37 ] .
وحذف مفعول ( حشر ) لظهوره لأن الذين يحشرون هم أهل مدينته من كل صنف .
وعطف { فنادى } بالفاء لإِفادة أنه أعلن هذا القول لهم بفور حضورهم لفرط حرصه على إبلاغ ذلك إليهم .
والنداء : حقيقته جهر الصوت بدعوة أحد ليحضر ولذلك كانت حروف النداء نائبة مناب ( أدعو ) فنصبَت الاسم الواقع بعدها . ويطلق النداء على رفع الصوت دون طلب حضور مجازاً مرسلاً بعلاقة اللزوم كقول الحريري في « المقامة الثلاثين » « فحِين جلس كأنه ابنُ ماءِ السماء ، نادَى مُنادٍ من قِبَل الأحماء » الخ .
وحذف مفعول ( نادى ) كما حذف مفعول ( حشر ) .
وإسناد الحشر والنداء إلى فرعون مجاز عقلي لأنه لا يباشر بنفسه حشر الناس ولا نداءهم ولكن يأمر أتباعه وجنده ، وإنما أسند إليه لأنه الذي أمر به كقولهم : بنَى المنصور بغداد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.