التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (131)

وبعد نهيه إياهم عن تلك الرذائل ، أمرهم بتقوى الله وطاعته وشكره على نعمه فقال : { فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ واتقوا الذي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } .

أى : اتركوا هذه الرذائل ، واتقوا الله وأطيعون فى كل ما آمركم به . أو أنهاكم عنه ، واتقوا الله - تعالى - الذى أمدكم بألوان لا تحصى من النعم ، فقد أمدكم بالأنعام - وهى الإبل والبقر والغنم - التى هى أعز أموالكم ، وأمدكم بالأولاد ليكونوا قوة لكم ، وأمدكم بالبساتين العامرة بالثمار ، وبالعيون التى تنتفعون بمائها العذب .

ثم ختم إرشاده لهم ، ببيان أنه حريص على مصلحتهم ، وأنه يخشى عليهم إذا لم يستجيبوا لدعوته أن ينزل بهم عذاب عظيم فى يوم تشتد أهواله ولا تنفعهم فيه أموالهم ولا أولادهم .

وبذلك نرى أن هودا - عليه السلام - قد جمع فى نصحه لقومه بين الترهيب والترغيب ، وبين الإنذار والتبشير ، وبين التعفف عن دنياهم ، والحرص على مصلحتهم .

ولكن هذه النصائح الحكيمة ، لم يستقبلها قومه استقبالا حسنا ، ولم تجد منهم قبولا ، بل كان ردهم عليه - كما حكى القرآن عنهم - : { قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ الواعظين } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (131)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتّقُواْ الّذِيَ أَمَدّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه من عاد : اتقوا عقاب الله أيها القوم بطاعتكم إياه فيما أمركم ونهاكم ، وانتهوا عن اللهو واللعب ، وظلم الناس ، وقهرهم بالغلبة والفساد في الأرض ، واحذروا سخط الذي أعطاكم من عنده ما تعلمون ، وأعانكم به من بين المواشي والبنين والبساتين والأنهار إنّي أخافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ من الله عَظِيمٍ .

   
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (131)

لما أفاد الاستفهام في قوله : { أتبنون بكل رِيع آية } [ الشعراء : 128 ] معنى الإنكار على ما قارن بناءهم الآيات واتخاذهم المصانع وعلى شدتهم على الناس عند الغضب فرع عليه أمرُهم باتقاء الله ، وحصل مع ذلك التفريع تكرير جملة الأمر بالتقوى والطاعة .

وحذفُ ياء المتكلم من { أطيعون } كحذفها في نظيرها المتقدم . وأعيد فعل { واتقوا } وهو مستغنى عنه لو اقتصر على الموصول وصفاً لاسم الجلالة لأن ظاهر النظم أن يقال : فاتقوا الله الذي أمّدكم بما تعلمون ، فعُدل عن مقتضى الظاهر وبني الكلام على عطف الأمر بالتقوى على الأمر الذي قبله تأكيداً له واهتماماً بالأمر بالتقوى مع أن ما عرض من الفصل بين الصفة والموصوف بجملة { وأطيعون } قضى بأن يعاد اتصال النظم بإعادة فعل { اتقوا } .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (131)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه من عاد: اتقوا عقاب الله أيها القوم بطاعتكم إياه فيما أمركم ونهاكم، وانتهوا عن اللهو واللعب، وظلم الناس، وقهرهم بالغلبة والفساد في الأرض، واحذروا سخط الذي أعطاكم من عنده ما تعلمون، وأعانكم به من بين المواشي والبنين والبساتين والأنهار "إنّي أخافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ من الله عَظِيمٍ".

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ونهاهم هود فقال "اتقوا الله "باجتناب معاصيه و "أطيعون" فيما أدعوكم إليه، ولم يكن هذا القول تكرارا من هود لأنه متعلق بغير ما تعلق به الأول، لأن الأول معناه، فاتقوا الله في تكذيب الرسل، وأطيعوني فيما أدعوكم إليه من إخلاص عبادته، والثاني فاتقوا الله في ترك معاصيه في بطش الجبارين وعمل اللاهين وأطيعوني في ذلك الأمر الذي دعوتكم إليه.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ثم لما ذكر هود عليه السلام هذه الأشياء قال: {فاتقوا الله وأطيعون} زيادة في دعائهم إلى الآخرة، وزجرا لهم عن حب الدنيا والاشتغال بالسرف والحرص والتجبر.

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

{فاتقوا الله وأطيعوني} أي فاحذروا عقاب الله، واتركوا هذه الأفعال الذميمة، وأطيعوني فيما أدعوكم إليه من عبادة الله وحده لا شريك له، فإن ذلك أجدى لكم وأنفع.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وهنا يردهم إلى تقوى الله وطاعة رسوله، لينهنه من هذه الغلظة الباطشة المتجبرة:

(فاتقوا الله وأطيعون).

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} أي اجعلوا بينكم وبين غضب الله وقاية، واجعلوا التقوى شعاركم يذهب غروركم بالقوة، وأطيعون فيما أنقل لكم من شرع الله تعالى والنظام المحكم.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

وأنا حين أوصيكم بتقوى الله وطاعته، لا أوصيكم بهذا لصالحي أنا، فلا أقول لكم: اتقوني أو أطيعوني، ولن أنتفع من طاعتكم بشيء. كذلك الحق- تبارك وتعالى- غني عنكم وعن طاعتكم، لأن له سبحانه صفات الكمال المطلق قبل أن يخلق الخلق، فهو سبحانه متصف بالخلق قبل أن يخلق، وبالقدرة قبل أن يوجد المقدور عليه...

إلخ. إذن: فوجودكم لم يزد شيئا في صفاته تعالى، وما كانت الرسالات إلا لمصلحتكم أنتم، فإذا لم تطيعوا أوامر الله، وتأخذوا منهجه، لأنه يفيدكم فأطيعوه جزاء ما أنعم عليكم من نعم لا تعد ولا تحصى، فالإنسان طرأ على كون أعد لاستقباله وهيئ لمعيشته، وخلق له الكون كله: سماء، فيها الشمس والقمر والنجوم والسحاب والمطر، وأرضا فيها الخصب والماء والهواء، هذا كله قبل أن توجد أنت، فطاعتك لله- إذن- ليست تفضلا منك، إنما جزاء ما قدم لك من نعم.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} وراقبوه في كل أموركم، فإذا كنتم أقوياء، فإن الله هو الأقوى، وإذا كانت النعم المتوافرة لديكم هي الأساس في سلوككم المنحرف لأنها توحي لكم بالعلّو والرفعة، فإن الله هو الذي أعطاكم ذلك كله، وهو القادر أن يسلبكم كل ذلك،