تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيٓ أُرۡسِلَ إِلَيۡكُمۡ لَمَجۡنُونٞ} (27)

{ قال } أي : فرعون لقومه : { إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } أي : ليس له عقل في دعواه أن ثمّ ربا غيري .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيٓ أُرۡسِلَ إِلَيۡكُمۡ لَمَجۡنُونٞ} (27)

فقال فرعون حينئذ على جهة الاستخفاف { إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } وقرأ جمهور الناس على بناء الفعل للمفعول ، وقرأ حميد الأعرج ومجاهد «أرسل » على بناء الفعل للفاعل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيٓ أُرۡسِلَ إِلَيۡكُمۡ لَمَجۡنُونٞ} (27)

احتدّ فرعون لما ذكر موسى ما يشمل آباءَه المقدّسين بذكر يخرجهم من صفة الإلهية زاعماً أن هذا يخالف العقل بالضرورة فلا يصدر إلا من مختل الإدراك ، وكأنه رأى أن الاستدلال بخالقيتهم وخالقية آبائهم عبث لأن فرعون وملأه يرون تكوين الآدمي بالتولد وهم لا يحسبون التكوين الدال على الخالقية إلا التكوينَ بالطفرة دون التدريج بناء على أن الأشياء المعتادة لا تتفطن إلى دقائقها العقول الساذجة ، فهم يحسبون تكوين الفرخ من البيضة أقل من تكوين الرعْد ، وأن تكوين دودة القز أدل على الخالق من تكوين الآدمي مع أنه ليس كذلك ؛ فلذلك زعم أن ادعاء دلالة تكوين الآباء والأبناء ودلالة فناء الآباء على ثبوت الإله الواحد ربّ الآباء والأبناء ضرباً من الجنون إذ هو تكوين لم يشهدوا دقائقه ، والمعروف المألوف ولادة الأجنة وموت الأمْوات .

وأكد كلامه بحرفي التأكيد لأن حالة موسى لا تؤذن بجنونه فكان وصفه بالمجنون معرَّضاً للشك فلذلك أكد فرعون أنه مجنون يعني أنه علم من حال موسى ما عسى أن لا يعلمه السامعون .

وقصد بإطلاق وصف الرسول على موسى التهكمَ به بقرينة رميه بالجنون المحقق عنده .

وأضاف الرسول إلى المخاطبين رَبْئاً بنفسه عن أن يكون مقصوداً بالخطاب ، وأكد التهكّم والربء بوصفه بالموصول { الذي أرسل إليكم } فإن مضمون الموصول وصلته هو مضمون { رسولكم } فكان ذكره كالتأكيد ، وتنصيصاً على المقصود لزيادة تهييج السامعين كيلا يتأثروا أو يتأثر بعضهم بصدق موسى لأن فرعون يتهيأ لإعداد العُدة لمقاومَة موسى لعلمه بأن له قوماً في مصر ربّما يستنصر بهم .