ومن سلامته أنه سليم من غش الخلق وحسدهم ، وغير ذلك من مساوئ الأخلاق ، ولهذا نصح الخلق في اللّه ، وبدأ بأبيه وقومه فقال : { إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ } هذا استفهام{[765]} بمعنى الإنكار ، وإلزام لهم بالحجة .
وبهذا القلب السليم ، استنكر ما عليه قومه واستبشعه . استنكار الحس السليم لكل ما تنبو عنه الفطرة الصادقة من تصور ومن سلوك :
( إذ قال لأبيه وقومه : ماذا تعبدون ? أإفكاً آلهة دون الله تريدون ? فما ظنكم برب العالمين ? ) . . وهو يراهم يعبدون أصناماً وأوثاناً . فيهتف بهم هتاف الفطرة السليمة في استنكار شديد . ( ماذا تعبدون ? )ماذا ? فإن ما تعبدون ليس من شانه أن يعبد ، ولا أن يكون له عابدون ! وما يعبده الإنسان في شبهة من حق . إنما هو الإفك المحض . والافتراء الذي لا شبهة فيه .
{ إذ قال لأبيهِ } بدل من { من جاء ربه بقلب سليم } بدلَ اشتمال فإن قوله هذا لما نشأ عن امتلاء قلبه بالتوحيد والغضب لله على المشركين كان كالشيء المشتمل عليه قلبه السليم فصدر عنه .
و { ماذا تعبدون } استفهام إنكاري على أن يعبدوا ما يعبدونه ولذلك أتبعه باستفهام آخر إنكاري وهو { أئِفكاً ءَالهَةً دونَ الله تريدون } . وهذا الذي اقتضى الإِتيان باسم الإِشارة بعد « ما » الاستفهامية الذي هو مُشرَب معنى الموصول المشار إليه ، فاقتضى أن ما يعبدونه مشاهد لإِبراهيم فانصرف الاستفهام بذلك إلى معنىً دون الحقيقي وهو معنى الإِنكار ، بخلاف قوله : { إذْ قالَ لأبيهِ وقومهِ ماذا تعبدون } في سورة [ الشعراء : 70 ] فإنه استفهام على معبوداتهم ولذلك أجابوا عنه { قالوا نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين } [ الشعراء : 71 ] وإنما أراد بالاستفهام هنالك التمهيد إلى المحاجّة فصوره في صورة الاستفهام لسماع جوابهم فينتقلَ إلى إبطاله ، كما هو ظاهر من ترتيب حجاجه هنالك ، فذلك حكاية لقول إبراهيم في ابتداء دعوته قومه ، وأما ما هنا فحكاية لبعض أقواله في إعادة الدعوة وتأكيدها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.