القول في تأويل قوله تعالى : { بَلِ الّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذّبُونَ * وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ * فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } .
قوله : بَلِ الّذِينَ كَفَرُوا يُكَذّبُونَ يقول تعالى ذكره : بل الذين كفروا يكذّبون بآيات الله وتنزيله .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
بل الذين كفروا يكذّبون بآيات الله وتنزيله...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أحدهما: أنهم يكذبون رسوله محمدا عليه السلام، فيحملهم ذلك على التكذيب بالقرآن لأنهم إذا كذبوا رسالته لم يصدقوه في ما يأتي من الأخبار، لا أن يكون في الأخبار معنى يحملهم على التكذيب. بل القرآن يحملهم على التصديق والإيمان لو أمعنوا النظر فيه، وبذلوا من أنفسهم الإنصاف.
الثاني: يكون معناه أن الذين كفروا، هم المكذبون، فيكون الكفر منهم تكذيبا، والتكذيب منهم كفرا...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
معناه إن الذى يمنعهم من السجود عند تلاوة القرآن تكذيبهم جهلا بما عليهم وعدولا عن الحق. وفي ذلك التحذير من الجهل والحث على طلب العلم. وقيل: معناه ما لهم لا يؤمنون، ولا بد من الجزاء على الأعمال ثم قال: تكذيبهم عن جهل منهم يصرفهم عن ذلك...
فالمعنى أن الدلائل الموجبة للإيمان، وإن كانت جلية ظاهرة لكن الكفار يكذبون بها إما لتقليد الأسلاف، وإما للحسد وإما للخوف من أنهم لو أظهروا الإيمان لفاتتهم مناصب الدنيا ومنافعها...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان هذا استفهاماً إنكارياً معناه النفي، فكان التقدير: إنهم لا- يؤمنون ولا عذر لهم في ذلك أصلاً، أضرب عنه بقوله: {بل} ووضع الظاهر موضع المضمر تعميماً وتنبيهاً على الوصف الذي حملهم على التكذيب فقال: {الذين كفروا} أي ستروا مرائي عقولهم الدالة على الحق {يكذبون} أي بالقرآن وبما دل عليه من حقائق العرفان المعلية إلى أوج الإيمان بالواحد الديان...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
بل الذين كفروا يكذبون. يكذبون إطلاقا. فالتكذيب طابعهم وميسمهم وطبعهم الأصيل...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
يجوز إنه إضراب انتقالي من التعجيب من عدم إيمانهم وإنكاره عليهم إلى الإِخبار عنهم بأنهم مستمرون على الكفر والطعن في القرآن، فالكلام ارتقاء في التعجيب والإِنكار. فالإِخبار عنهم بأنهم يكذبون مستعمل في التعجيب والإِنكار فلذلك عبر عنه بالفعل المضارع الذي يستروح منه استحضار الحالة مثل قوله: {يجادلنا في قوم لوط} [هود: 74]. ويجوز أن يكون {بل} إضراباً إبطالياً، أي لا يوجد ما لأجله لا يؤمنون ولا يصدقون بالقرآن بل الواقع بضد ذلك فإن بواعث الإِيمان من الدلائل متوفرة ودواعي الاعتراف بصدق القرآن والخضوع لدعوته متظاهرة ولكنهم يكذبون، أي يستمرون على التكذيب عناداً وكبرياء ويومئ إلى ذلك قوله: {واللَّه أعلم بما يوعون} [الانشقاق: 23]. وهذان المعنيان نظيرُ الوجهين في قوله تعالى في سورة الانفطار (9 -10) {بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين.} وفي اجتلاب الفعل المضارع دلالة على حدوث التكذيب منهم وتجدده، أي بل هم مستمرون على التكذيب عناداً وليس ذلك اعتقاداً فكما نُفي عنهم تجدُّد الإِيمان وتجدد الخضوع عند قراءة القرآن أُثبت لهم تجدد التكذيب. وقوله: {الذين كفروا} إظهار في مقام الإِضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقال: بل هم يكذبون، فعدل إلى الموصول والصلة لما تؤذن به الصلة من ذمهم بالكفر للإِيماء إلى علة الخبر، أي أنهم استمروا على التكذيب لتأصل الكفر فيهم وكونهم ينعتون به...
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
تكذيباً لا ينطلق من فكر مضادٍّ للإيمان، ولا من شبهةٍ تثير الضباب أمام حقائقه، بل من خلال العقدة المتأصلة في النفس الحاقدة من موقع الذات على الرسالة والرسول...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.