القول في تأويل قوله تعالى : { وَأُزْلِفَتِ الْجَنّةُ لِلْمُتّقِينَ * وَبُرّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ } .
يعني جلّ ثناؤه بقوله : وأُزْلِفَتِ الجَنّةُ للْمُتّقِينَ وأدنيت الجنة وقرّبت للمتقين ، الذين اتقوا عقاب الله في الاَخرة بطاعتهم إياه في الدنيا وَبُرّزَتِ الجَحِيمُ للْغاوِينَ يقول : وأظهرت النار للذين غووا فضلوا عن سواء السبيل وَقِيلَ للغاوين أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ من الأنداد هَلْ يَنْصُرونَكُمْ اليوم من الله ، فينقذونكم من عذابه أوْ يَنْتَصِرُونَ لأنفسهم ، فينجونها مما يُرَاد بها ؟
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"وَقِيلَ" للغاوين "أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ" من الأنداد؟ "هَلْ يَنْصُرونَكُمْ" اليوم من الله، فينقذونكم من عذابه؟ "أوْ يَنْتَصِرُونَ" لأنفسهم، فينجونها مما يُرَاد بها؟
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
ثم أخبر أنه يقال لهم، يعني للغاوين على وجه التوبيخ لهم والتقريع "أين ما كنتم تعبدون من دون الله "وإنما وبخوا بلفظ الاستفهام، لأنه لا جواب لهم عن ذلك إلا بما فيه فضيحتهم...
"هل ينصرونكم" ويدفعون عنكم العقاب في هذا اليوم. "أو ينتصرون" لكم إذا عوقبتم!، فمن عبدها، فهو الغاوي في عبادته، لا يملك رفع الضرر عن نفسه، ولا عن عابده مع أنه لاحق به.
{وقيل لهم أين ما كنتم} إلى قوله: {وجنود إبليس أجمعون} والمعنى أين آلهتكم هل ينفعونكم بنصرتهم لكم أو هل ينفعون أنفسهم بانتصارهم لأنهم وآلهتهم وقود النار...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
وقيل لأهلها تقريعا وتوبيخا: {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ. مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ} أي: ليست الآلهة التي عبدتموها من دون الله، من تلك الأصنام والأنداد تغني عنكم اليوم شيئًا، ولا تدفع عن أنفسها؛ فإنكم وإياها اليوم حَصَبُ جَهَنم أنتم لها واردون.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{وقيل لهم} تبكيتاً وتنديماً وتوبيخاً، وأبهم القائل ليصلح لكل أحد، تحقيراً لهم، ولأن المنكىء نفس القول لا كونه من معين: {أين ما كنتم} بتسلك الأخلاق التي هي كالجبلات {تعبدون} أي في الدنيا على سبيل التجديد والاستمرار.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
الاستفهام في قوله: {أين ما كنتم تعبدون} استفهام عن تعيين مكان الأصنام إن لم تكن حاضرة، أو عن عملها إن كانت حاضرة في ذلك الموقف، تنزيلاً لعدم جدواها فيما كانوا يأملونه منها منزلةَ العدم تهكّماً وتوبيخاً وتوقيفاً على الخطأ.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.