والفاء فى قوله - تعالى - : { فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي المدآئن حَاشِرِينَ } هى الفصيحة ، والحاشرين جمع حاشر : والمراد بهم الذين يحشرون الناس ويجمعونهم فى مكان معين ، لأمر من الأمور الهامة .
قالوا : جمعوا له جيشا كبيرا يتكون من مئات الآلاف من الجنود . أى : وعلم فرعون بخروج موسى ومعه بنو إسرائيل . فأرسل جنوده ليجمعوا له الناس من المدائن المتعددة فى مملكته .
وعلم فرعون بخروج بني إسرائيل خلسة ، فأمر بما يسمى " التعبئة العامة " وأرسل في المدائن حاشرين يجمعون له الجنود ، ليدرك موسى وقومه ؛ ويفسد عليهم تدبيرهم ؛ وهو لا يعلم أنه تدبير صاحب التدبير !
وانطلق عملاء فرعون يجمعون الجند . . ولكن هذا الجمع قد يشي بانزعاج فرعون ، وبقوة موسى ومن معه وعظم خطرهم ، حتى ليحتاج الملك الإله - بزعمه ! - إلى التعبئة العامة .
ظاهر ترتيب الجمل يقتضي أن الفاء للتعقيب على جملة : { وأوحينا إلى موسى } [ الشعراء : 52 ] وأن بين الجملتين محذوفاً تقديره : فأسرى موسى وخرج بهم فأرسل فرعون حَاشرين ، أي لما خرج بنو إسرائيل خشي فرعون أن ينتشروا في مدائن مصر فأرسل فرعون في المدائن شُرَطاً يحشرون الناس ليلْحقوا بني إسرائيل فيردُّوهم إلى المدينة قاعدة الملك .
و { المدائن } : جمع مدينة ، أي البلد العظيم . ومدائن القطر المصري يومئذ كثيرة . منها ( مانوفرى أو منفيس ) هي اليوم ميت رهينة بالجيزة و ( تيبة أو طيبة ) هي بالأقصر و ( أبودو ) وتسمى اليوم العَرابة المدفونة ، و ( ابو ) وهي ( بو ) وهي ادنو ، و ( اون رميسي ) ، و ( أرمنت ) و ( سنَى ) وهي أسناء و ( ساورت ) وهي السيوط ، و ( خمونو ) وهي الاشمونيين ، و ( بامازيت ) وهي البهنسا ، و ( خسوُو ) وهي سخا ، و ( كاريينا ) وهي سد أبي قيرة ، و ( سودو ) وهي الفيوم ، و ( كويتي ) وهي قفط .
والتعريف في { المدائن } للاستغراق ، أي في مدائن القطر المصري ، وهو استغراق عرفي ، أي المدائن التي لحكم فرعون أو المظنون وقوعها قرب طريقهم . وكان فرعون وقومه لا يعلمون أين اتجه بنو إسرائيل فأراد أن يتعرض لهم في كل طريق يظن مرورهم به . وكان لا يدري لعلهم توجهوا صوبَ الشام ، أو صوبَ الصحراء الغربية ، وما كان يظن أنهم يقصدون شاطىء البحر الأحمر بحر « القلزم » وكان يومئذ يسمى بحر « سُوف » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.