لما أفاد الاستفهام في قوله : { أتبنون بكل رِيع آية } [ الشعراء : 128 ] معنى الإنكار على ما قارن بناءهم الآيات واتخاذهم المصانع وعلى شدتهم على الناس عند الغضب فرع عليه أمرُهم باتقاء الله ، وحصل مع ذلك التفريع تكرير جملة الأمر بالتقوى والطاعة .
وحذفُ ياء المتكلم من { أطيعون } كحذفها في نظيرها المتقدم . وأعيد فعل { واتقوا } وهو مستغنى عنه لو اقتصر على الموصول وصفاً لاسم الجلالة لأن ظاهر النظم أن يقال : فاتقوا الله الذي أمّدكم بما تعلمون ، فعُدل عن مقتضى الظاهر وبني الكلام على عطف الأمر بالتقوى على الأمر الذي قبله تأكيداً له واهتماماً بالأمر بالتقوى مع أن ما عرض من الفصل بين الصفة والموصوف بجملة { وأطيعون } قضى بأن يعاد اتصال النظم بإعادة فعل { اتقوا } .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه من عاد: اتقوا عقاب الله أيها القوم بطاعتكم إياه فيما أمركم ونهاكم، وانتهوا عن اللهو واللعب، وظلم الناس، وقهرهم بالغلبة والفساد في الأرض، واحذروا سخط الذي أعطاكم من عنده ما تعلمون، وأعانكم به من بين المواشي والبنين والبساتين والأنهار "إنّي أخافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ من الله عَظِيمٍ".
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
ونهاهم هود فقال "اتقوا الله "باجتناب معاصيه و "أطيعون" فيما أدعوكم إليه، ولم يكن هذا القول تكرارا من هود لأنه متعلق بغير ما تعلق به الأول، لأن الأول معناه، فاتقوا الله في تكذيب الرسل، وأطيعوني فيما أدعوكم إليه من إخلاص عبادته، والثاني فاتقوا الله في ترك معاصيه في بطش الجبارين وعمل اللاهين وأطيعوني في ذلك الأمر الذي دعوتكم إليه.
ثم لما ذكر هود عليه السلام هذه الأشياء قال: {فاتقوا الله وأطيعون} زيادة في دعائهم إلى الآخرة، وزجرا لهم عن حب الدنيا والاشتغال بالسرف والحرص والتجبر.
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
{فاتقوا الله وأطيعوني} أي فاحذروا عقاب الله، واتركوا هذه الأفعال الذميمة، وأطيعوني فيما أدعوكم إليه من عبادة الله وحده لا شريك له، فإن ذلك أجدى لكم وأنفع.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وهنا يردهم إلى تقوى الله وطاعة رسوله، لينهنه من هذه الغلظة الباطشة المتجبرة:
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} أي اجعلوا بينكم وبين غضب الله وقاية، واجعلوا التقوى شعاركم يذهب غروركم بالقوة، وأطيعون فيما أنقل لكم من شرع الله تعالى والنظام المحكم.
وأنا حين أوصيكم بتقوى الله وطاعته، لا أوصيكم بهذا لصالحي أنا، فلا أقول لكم: اتقوني أو أطيعوني، ولن أنتفع من طاعتكم بشيء. كذلك الحق- تبارك وتعالى- غني عنكم وعن طاعتكم، لأن له سبحانه صفات الكمال المطلق قبل أن يخلق الخلق، فهو سبحانه متصف بالخلق قبل أن يخلق، وبالقدرة قبل أن يوجد المقدور عليه...
إلخ. إذن: فوجودكم لم يزد شيئا في صفاته تعالى، وما كانت الرسالات إلا لمصلحتكم أنتم، فإذا لم تطيعوا أوامر الله، وتأخذوا منهجه، لأنه يفيدكم فأطيعوه جزاء ما أنعم عليكم من نعم لا تعد ولا تحصى، فالإنسان طرأ على كون أعد لاستقباله وهيئ لمعيشته، وخلق له الكون كله: سماء، فيها الشمس والقمر والنجوم والسحاب والمطر، وأرضا فيها الخصب والماء والهواء، هذا كله قبل أن توجد أنت، فطاعتك لله- إذن- ليست تفضلا منك، إنما جزاء ما قدم لك من نعم.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} وراقبوه في كل أموركم، فإذا كنتم أقوياء، فإن الله هو الأقوى، وإذا كانت النعم المتوافرة لديكم هي الأساس في سلوككم المنحرف لأنها توحي لكم بالعلّو والرفعة، فإن الله هو الذي أعطاكم ذلك كله، وهو القادر أن يسلبكم كل ذلك،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.