في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ جَآءَتۡهُمۡ كُلُّ ءَايَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (97)

71

( ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم )

فلا ينفعهم الإيمان حينئذ لأنه لم يجيء عن اختيار . ولم تعد هنالك فرصة لتحقيق مدلوله في الحياة . ومنذ هنيهة كان أمامنا مشهد يصدق هذا . مشهد فرعون حين أدركه الغرق يقول : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين . . فيقال له : ( آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ? ! ) .

وعند هذا الموقف الذي تظهر فيه حتمية سنن اللّه العامة ، وانتهاؤها إلى نهايتها المرسومة ، متى تعرض الإنسان لها باختياره ، تفتح نافذة مضيئة بآخر شعاع من أشعة الأمل في النجاة . ذلك أن يعود المكذبون عن تكذيبهم قبيل وقوع العذاب :

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَوۡ جَآءَتۡهُمۡ كُلُّ ءَايَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (97)

( لو ) وصلية للمبالغة ، أي لا يؤمنون ولو جاءتهم كلُّ آية فكيف إذا لم تجئهم إلا بعض الآيات .

و ( كل ) مستعملة في معنى الكثرة ، وهو استعمال كثير في القرآن . كما سيأتي عند قوله تعالى : { وعلى كُلّ ضامر } في سورة الحج ( 31 ) وقوله : { وعلم آدم الأسماء كلها } في سورة البقرة ( 27 ) ، أي ولو جاءتهم آيات كثيرة تشبه في الكثرة استغراق جميع الآيات الممكن وقوعها . وقد تقدم نظير ذلك آنفاً .

ورؤية العذاب ، كناية عن حلوله بهم .

والمعنى : أنهم لا يؤمنون إلا حين لا ينفعهم الإيمان ، لأن نزول العذاب هو ابتداء مجازاتهم على كفرهم ، وليس بعد الشروع في المجازاة عفو .

ومن بركة هذا الدين أن الذين كفروا به قد هداهم الله قبل أن ينزل بهم عذاباً .