في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبّٗا جَمّٗا} (20)

وتحبون المال حبا كثيرا طاغيا ، لا يستبقي في نفوسكم أريحية ولا مكرمة مع المحتاجين إلى الإكرام والطعام .

وقد كان الإسلام يواجه في مكة - كما ذكرنا من قبل - حالة من التكالب على جمع المال بكافة الطرق ، تورث القلوب كزازة وقساوة . وكان ضعف اليتامى مغريا بانتهاب أموالهم وبخاصة الإناث منهم في صور شتى ؛ وبخاصة ما يتعلق في الميراث [ كما سبق بيانه في مواضع متعددة في الظلال ] كما كان حب المال وجمعه بالربا وغيره ظاهرة بارزة في المجتمع المكي قبل الإسلام . وهي سمة الجاهليات في كل زمان ومكان ! حتى الآن !

وفي هذه الآيات فوق الكشف عن واقع نفوسهم ، تنديد بهذا الواقع ، وردع عنه ، يتمثل في تكرار كلمة " كلا " كما يتمثل في بناء التعبير وإيقاعه ، وهو يرسم بجرسه شدة التكالب وعنفه :

" وتأكلون التراث أكلا لما . وتحبون المال حبا جما ! " . .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبّٗا جَمّٗا} (20)

ولما كان ذلك قد يفعل عن ضرورة مع الكراهة قال ما هو صريح في المقصود : { ويحبون } أي على سبيل الاستمرار { المال } أي هذا النوع من أي شيء كان ، وأكده بالمصدر والوصف فقال : { حباً جماً * } أي كثيراً مع حرص وشره ، فصار قصارى أمرهم النظر الدنيوي ، ولم يصرفوا أنفسهم عن حبه إلى ما دعا إليه العقل الذي يعقل النفس عن الهوى ، والحجر الذي يحجرها عن الحظوظ ، والنهية التي تنهاها عن الشهوات إلى الإقبال على الله .