وعلم فرعون بخروج بني إسرائيل خلسة ، فأمر بما يسمى " التعبئة العامة " وأرسل في المدائن حاشرين يجمعون له الجنود ، ليدرك موسى وقومه ؛ ويفسد عليهم تدبيرهم ؛ وهو لا يعلم أنه تدبير صاحب التدبير !
وانطلق عملاء فرعون يجمعون الجند . . ولكن هذا الجمع قد يشي بانزعاج فرعون ، وبقوة موسى ومن معه وعظم خطرهم ، حتى ليحتاج الملك الإله - بزعمه ! - إلى التعبئة العامة .
ثم إن الله عز وجل لما أراد إظهار أمره في نجاة بني إسرائيل وغرق فرعون وقومه أمر موسى أن يخرج بني إسرائيل ليلاً من مصر ، وأخبر أنهم سيتبعون وأمره بالسير تجاه البحر ، وأمره بأن يستعير بنو إسرائيل حلي القبط وأموالهم وأن يستكثروا من أخذ أموالهم كيف ما استطاعوا هذا فيما رواه بعض المفسرين ، وأمره باتخاذ خبز الزاد ، فروي أنه أمر باتخاذه فطيراً لأنه أبقى وأثبت ، وروي أن الحركة أعجلتهم عن اختمار خبز الزاد ، وخرج موسى عليه السلام ببني إسرائيل سحراً فترك الطريق إلى الشام على يساره وتوجه نحو البحر ، فكان الرجل من بني إسرائيل يقول له في ترك الطريق فيقول موسى هكذا أمرت ، فلما أصبح فرعون وعلم بسرى موسى ببني إسرائيل خرج في أثرهم وبعث إلى مدائن مصر لتلحقه العساكر ، فروي أنه لحقه ومعه ستمائة ألف أدهم من الخيل حاشى سائر الألوان ، وروي أن بني إسرائيل كانوا ستمائة ألف وسبعين ألفاً قاله ابن عباس والله أعلم بصحته ، وإنما اللازم من الآية الذي يقطع به أن موسى عليه السلام خرج بجمع عظيم من بني إسرائيل وأن فرعون تبعه بأضعاف ذلك العدد ، قال ابن عباس كان مع فرعون ألف جبار كلهم عليه تاج وكلهم أمير خيل .
ظاهر ترتيب الجمل يقتضي أن الفاء للتعقيب على جملة : { وأوحينا إلى موسى } [ الشعراء : 52 ] وأن بين الجملتين محذوفاً تقديره : فأسرى موسى وخرج بهم فأرسل فرعون حَاشرين ، أي لما خرج بنو إسرائيل خشي فرعون أن ينتشروا في مدائن مصر فأرسل فرعون في المدائن شُرَطاً يحشرون الناس ليلْحقوا بني إسرائيل فيردُّوهم إلى المدينة قاعدة الملك .
و { المدائن } : جمع مدينة ، أي البلد العظيم . ومدائن القطر المصري يومئذ كثيرة . منها ( مانوفرى أو منفيس ) هي اليوم ميت رهينة بالجيزة و ( تيبة أو طيبة ) هي بالأقصر و ( أبودو ) وتسمى اليوم العَرابة المدفونة ، و ( ابو ) وهي ( بو ) وهي ادنو ، و ( اون رميسي ) ، و ( أرمنت ) و ( سنَى ) وهي أسناء و ( ساورت ) وهي السيوط ، و ( خمونو ) وهي الاشمونيين ، و ( بامازيت ) وهي البهنسا ، و ( خسوُو ) وهي سخا ، و ( كاريينا ) وهي سد أبي قيرة ، و ( سودو ) وهي الفيوم ، و ( كويتي ) وهي قفط .
والتعريف في { المدائن } للاستغراق ، أي في مدائن القطر المصري ، وهو استغراق عرفي ، أي المدائن التي لحكم فرعون أو المظنون وقوعها قرب طريقهم . وكان فرعون وقومه لا يعلمون أين اتجه بنو إسرائيل فأراد أن يتعرض لهم في كل طريق يظن مرورهم به . وكان لا يدري لعلهم توجهوا صوبَ الشام ، أو صوبَ الصحراء الغربية ، وما كان يظن أنهم يقصدون شاطىء البحر الأحمر بحر « القلزم » وكان يومئذ يسمى بحر « سُوف » .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{فأرسل فرعون في المدائن حاشرين} يحشرون الناس في طلب موسى عليه السلام، وهارون، عليه السلام، وبني إسرائيل.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: فأرسل فرعون في المدائن يحشر له جنده وقومه، ويقول لهم "إنّ هَؤُلاءِ "يعني بهؤلاء: بني إسرائيل "لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ" يعني بالشرذمة: الطائفة والعصبة الباقية من عصب جبيرة، وشرذمة كل شيء: بقيته القليلة...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
ثم حكى أيضا أن فرعون أرسل برسله في المدائن حاشرين يحشرون الناس إليه الذين هم جنوده، وقيل: إنه حشر جنده من المدائن التي حوله ليقبضوا على موسى وقومه، لما ساروا بأمر الله عزوجل.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
فلما أصبحوا وليس في ناديهم داع ولا مجيب، غاظ ذلك فرعون واشتد غضبه على بني إسرائيل؛ لما يريد الله به من الدمار، فأرسل سريعا في بلاده حاشرين، أي: مَنْ يحشر الجندَ ويجمعه، كالنّقباء والحُجَّاب،.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وعلم فرعون بخروج بني إسرائيل خلسة، فأمر بما يسمى "التعبئة العامة "وأرسل في المدائن حاشرين يجمعون له الجنود، ليدرك موسى وقومه؛ ويفسد عليهم تدبيرهم؛ وهو لا يعلم أنه تدبير صاحب التدبير!
وانطلق عملاء فرعون يجمعون الجند.. ولكن هذا الجمع قد يشي بانزعاج فرعون، وبقوة موسى ومن معه وعظم خطرهم، حتى ليحتاج الملك الإله -بزعمه!- إلى التعبئة العامة.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
ظاهر ترتيب الجمل يقتضي أن الفاء للتعقيب على جملة: {وأوحينا إلى موسى} [الشعراء: 52] وأن بين الجملتين محذوفاً تقديره: فأسرى موسى وخرج بهم فأرسل فرعون حَاشرين، أي لما خرج بنو إسرائيل خشي فرعون أن ينتشروا في مدائن مصر فأرسل فرعون في المدائن شُرَطاً يحشرون الناس ليلْحقوا بني إسرائيل فيردُّوهم إلى المدينة قاعدة الملك. و {المدائن}: جمع مدينة، أي البلد العظيم. ومدائن القطر المصري يومئذ كثيرة...
والتعريف في {المدائن} للاستغراق، أي في مدائن القطر المصري، وهو استغراق عرفي، أي المدائن التي لحكم فرعون أو المظنون وقوعها قرب طريقهم. وكان فرعون وقومه لا يعلمون أين اتجه بنو إسرائيل فأراد أن يتعرض لهم في كل طريق يظن مرورهم به.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.