في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ٱئۡتُونِي بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٖ} (79)

71

وتعلق فرعون وملؤه بحكاية السحر ، وأرادوا - في أغلب الظن - أن يغرقوا الجماهير بها ، بأن يعقدوا حلقة للسحرة يتحدون بها موسى وما معه من آيات تشبه السحر في ظاهرها ، ليخرجوا منها في النهاية بأن موسى ليس إلا ساحراً ماهراً . وبذلك ينتهي الخطر الذي يخشونه على معتقداتهم الموروثة ، وعلى سلطانهم في الأرض ، وهو الأساس . . ونرجح أن هذه كانت الدوافع الحقيقية لمهرجان السحرة ، بعدما أفصح القوم عن شعورهم بالخطر الحقيقي الذي يتوقعونه :

( وقال فرعون : ائتوني بكل ساحر عليم ) .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ٱئۡتُونِي بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٖ} (79)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمّا جَآءَ السّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مّوسَىَ أَلْقُواْ ما أَنتُمْ مّلْقُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وقال فرعون لقومه : ائتوني بكلّ من يسحر من السحرة ، عليم بالسحر . فلما جاء السحرة فرعون ، قال موسى : ألقوا ما أنتم ملقون من حبالكم وعصيكم وفي الكلام محذوف قد ترك ، وهو : فأتوه بالسحرة فلما جاء السحرة ولكن اكتفى بدلالة قوله : فَلَمّا جاءَ السّحَرَةُ على ذلك ، فترك ذكره . وكذلك بعد قوله : ألْقُوا ما أنْتُمْ مُلْقُونَ محذوف أيضا قد ترك ذكره ، وهو : «فألقوا حبالهم وعصيهم ، فلما ألقوا قال موسى » ولكن اكتفى بدلالة ما ظهر من الكلام عليه ، فترك ذكره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ٱئۡتُونِي بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٖ} (79)

جملة : { وقال فرعون } عطف على جملة : { قالوا إنّ هذا لسحر مبين } [ يونس : 76 ] ، فهذه الجملة في حكم جواب ثان لحرف ( لَما ) حكي أولاً ما تلقَّى به فرعون وملؤُه دعوة موسى ومعجزتَه من منع أن يكون ما جاء به تأييداً من عند الله . ثم حُكي ثانياً ما تلقى به فرعون خاصةً تلك الدعوةَ من محاولة تأييد قولهم : { إن هذا لسحر مبين } [ يونس : 76 ] ليثبتوا أنهم قادرون على الإتيان بمثلها مما تَحصيل أسبابه من خصائص فرعون ، لما فيه من الأمر لخاصة الأمة بالاستعداد لإبطال ما يخشى منه .

والمخاطب بقوله : { إيتوني } هم ملأ فرعون وخاصتُه الذين بيدهم تنفيذ أمره .

وأمر بإحضار جميع السحرة المتمكنين في علم السحر لأنهم أبصر بدقائقه ، وأقدر على إظهار ما يفوق خوارق موسى في زعمه ، فحضورهم مغن عن حضور السحرة الضعفاء في علم السحر لأن عملهم مظنة أن لا يوازي ما أظهره موسى من المعجزة فإذا أتوا بما هو دون معجزة موسى كان ذلك مروجاً لدعوة موسى بين دهماء الأمة .

والعموم في قوله : { بكل ساحر عليم } عموم عرفي ، أي بكل ساحر تعلمونه وتظفرون به ، أو أريد { بكل } معنى الكثرة ، كما تقدم في قوله : { ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكلّ آية } في سورة [ البقرة : 45 ] .