في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُطُوفُهَا دَانِيَةٞ} (23)

ثم يعلن على رؤوس الأشهاد ما أعد لهذا الناجي من النعيم ، الذي تبدو فيه هنا ألوان من النعيم الحسي ، تناسب حال المخاطبين إذ ذاك ، وهم حديثو عهد بجاهلية ، ولم يسر من آمن منهم شوطا طويلا في الإيمان ، ينطبع به حسه ، ويعرف به من النعيم ما هو أرق وأعلى من كل متاع :

( فهو في عيشة راضية . في جنة عالية . قطوفها دانية . كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) . .

وهذا اللون من النعيم ، مع هذا اللون من التكريم في الالتفات إلى أهله بالخطاب وقوله : ( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) . . فوق أنه اللون الذي تبلغ إليه مدارك المخاطبين بالقرآن في أول العهد بالصلة بالله ، قبل أن تسمو المشاعر فترى في القرب من الله ما هو أعجب من كل متاع . . فوق هذا فإنه يلبي حاجات نفوس كثيرة على مدى الزمان . والنعيم ألوان غير هذا وألوان . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُطُوفُهَا دَانِيَةٞ} (23)

وقوله : قُطُوفُها دَانِيَةٌ يقول : ما يقطف من الجنة من ثمارها دانٍ قريب من قاطفه .

وذُكر أن الذي يريد ثمرها يتناوله كيف شاء قائما وقاعدا ، لا يمنعه منه بُعد ، ولا يحول بينه وبينه شوك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت البراء يقول في هذه الاَية قُطُوفُها دَانِيَةٌ قال : يتناول الرجل من فواكهها وهو نائم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : قُطُوفُها دَانِيَةٌ : دنت فلا يردّ أيديهم عنها بعد ولا شوك .