جملة { سأُصليه سقر } مستأنفة استئنافاً بيانياً ناشئاً عن قوله : { إنه فكّر وقدّر } [ المدثر : 18 ] إلى آخر الآيات فذكر وعيده بعذاب الآخرة .
ويجوز أن تكون بدلاً من جملة { سأرهق صعوراً } . والإِصلاء : جعل الشيء صالياً ، أي مباشراً حرَّ النار . وفعل صَلِيَ يطلق على إحساس حرارة النار ، فيكون لأجل التدَفّىء كقول الحارث بن حِلزة :
فتنورتَ نارها من بعيد *** بخزازَى أيَّانَ منكَ الصلاء
أي أنت بعيد من التدفىء بها وكما قال حُمَيد بن ثَوْر :
لا تصطلي النارَ إلاّ مِجْمَرا أرِجَا *** قد كَسَّرت من يَلْنَجُوجٍ له وَقَصَا
ويطلق على الاحتراق بالنار قال تعالى : { سَيصلَى ناراً ذات لهب } في سورة أبي لهب ( 3 ) وقال : { فأنذرتكم ناراً تلظَّى لا يصلاَها إلاّ الأشقى } في سورة الليل ( 14 ، 15 ) ، وقال : وسيَصلون سعيراً في سورة النساء ( 10 ) ، والأكثر إذا ذكر لفعل هذه المادة مفعول ثان من أسماء النار أن يكون الفعل بمعنى الإِحراق كقوله تعالى : { فسوف نُصليه ناراً } في سورة النساءِ ( 30 ) . ومنه قوله هنا سأُصليه سقر .
وسقر : علَم لطبقة من جهنم ، عن ابن عباس : أنه الطبق السّادس من جهنم . قال ابن عطية : سقر هو الدرك السادس من جهنم على ما روي ا ه . واقتصر عليه ابنُ عطية . وجرى كلام جمهور المفسرين بما يقتضي أنهم يفسّرون سقر بما يرادف جهنم .
وسقر ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث لأنه اسم بُقعة من جهنم أو اسم جهنم وقد جرى ضمير سقر على التأنيث في قوله تعالى : لا تُبقي } إلى قوله : { عليها تسعة عشر } . وقيل سقر معرَّب نقله في « الإِتقان » عن الجواليقي ولم يذكر الكلمة المعرّبة ولا من أية لغة هو .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
سأورده بابا من أبواب جهنم اسمه سقر.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
أحدهما: أنه اسم من أسماء جهنم مأخوذ من قولهم: سقرته الشمس إذا آلمت دماغه، فسميت جهنم بذلك لشدة إيلامها.
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
أي سأدخله سقر كي يصلى حرها، وإنما سميت سقر من سقرته الشمس: إذا أذابته ولوحته، وأحرقت جلدة وجهه.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما انقضى بيان عناده، فحصل التشوف لتفصيل جزائه في معاده، قال مبيناً لبعض ما أفهمه إرهاقه الصعود: {سأصليه} أي بوعيد لا بد منه عن قرب {سقر} أي الدركة النارية التي تفعل في الأدمغة من شدة حموها ما يجل عن الوصف، فأدخله إياها وألوّحه في الشدائد حرها وأذيب دماغه بها، وأسيل ذهنه وكل عصاراته بشديد حرها جزاء على تفكيره، هذا الذي قدره وتخيله وصوره بإدارته في طبقات دماغه ليحرق أكباد أولياء الله وأصفيائه.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
الإِصلاء: جعل الشيء صالياً، أي مباشراً حرَّ النار. وفعل صَلِيَ يطلق على إحساس حرارة النار،
ويطلق على الاحتراق بالنار قال تعالى: {سَيصلَى ناراً ذات لهب} في سورة أبي لهب (3) وقال: {فأنذرتكم ناراً تلظَّى لا يصلاَها إلاّ الأشقى} في سورة الليل (14، 15)، وقال: وسيَصلون سعيراً في سورة النساء (10)، والأكثر إذا ذكر لفعل هذه المادة مفعول ثان من أسماء النار أن يكون الفعل بمعنى الإِحراق كقوله تعالى: {فسوف نُصليه ناراً} في سورة النساءِ (30). ومنه قوله هنا سأُصليه سقر.
وسقر: علَم لطبقة من جهنم، عن ابن عباس: أنه الطبق السّادس من جهنم. وجرى كلام جمهور المفسرين بما يقتضي أنهم يفسّرون سقر بما يرادف جهنم.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.