تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُواْ وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا لَهَا عَٰبِدِينَ} (53)

فأجابوا بغير حجة ، جواب العاجز ، الذي ليس بيده أدنى شبهة فقالوا : { وَجَدْنَا آبَاءَنَا ْ } كذلك يفعلون ، فسلكنا سبيلهم ، وتبعناهم على عبادتها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا لَهَا عَٰبِدِينَ} (53)

وقوله - سبحانه - : { قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ } حكاية لما قالوه فى ردهم على إبراهيم - عليه السلام - وهو رد يدل على تحجر عقولهم ، وانطماس بصائرهم حيث قلدوا فعل آبائهم بدون تدبر أو تفكر .

أى : قالوا فى جوابهم على إبراهيم - عليه السلام - وجدنا آباءنا يعبدون هذه التماثيل فسرنا على طريقتهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا لَهَا عَٰبِدِينَ} (53)

48

فكان جوابهم وحجتهم أن ( قالوا : وجدنا آباءنا لها عابدين ) !

وهو جواب يدل على التحجر العقلي والنفسي داخل قوالب التقليد الميتة ، في مقابل حرية الإيمان ، وانطلاقه للنظر والتدبر ، وتقويم الأشياء والأوضاع بقيمها الحقيقية لا التقليدية . فالإيمان باللة طلاقة وتحرر من القداسات الوهمية التقليدية ، والوراثات المتحجرة التى لا تقوم على دليل :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُواْ وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا لَهَا عَٰبِدِينَ} (53)

{ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ } : لم يكن لهم حجة سوى صنيع آبائهم الضلال ؛ ولهذا قال : { لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالُواْ وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا لَهَا عَٰبِدِينَ} (53)

{ إذ قال } ظرف لفِعل { آتينَا } أي كان إيتاؤه الرشد حينَ قال لأبيه وقومه : { ما هذه التماثيل } الخ ، فذلك هو الرشد الذي أوتيه ، أي حينَ نزول الوحي إليه بالدَعوة إلى توحيد الله تعالى ، فذلك أول ما بُدىء به من الوحي .

وقوم إبراهيم كانوا من ( الكَلدان ) وكان يسكن بلداً يقال له ( كوثى ) بمثلثة في آخره بعدها ألف . وهي المسماة في التوراة ( أور الكلدان ) ، ويقال : أيضاً إنها ( أورفة ) في ( الرها ) ، ثم سكن هو وأبوه وأهله ( حاران ) وحاران هي ( حرّان ) ، وكانت بعد من بلاد الكلدان كما هو مقتضى الإصحاح 12 من التكوين لقوله فيه : « اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك » . ومات أبوه في ( حاران ) كما في الإصحاح 11 من التكوين فيتعين أن دعوة إبراهيم كانت من ( حاران ) لأنه من حاران خرج إلى أرض كنعان . وقد اشتهر حرّان بأنه بلد الصابئة وفيه هيكل عظيم للصابئة ، وكان قوم إبراهيم صابئة يعبدون الكواكب ويجعلون لها صوراً مجسمة .

والاستفهام في قوله تعالى : { ما هذه التماثيل } يتسلط على الوصف في قوله تعالى : { التي أنتم لها عاكفون } فكأنه قال : ما عبادتكم هذه التماثيل ؟ . ولكنه صيغ بأسلوب توجه الاستفهام إلى ذات التماثيل لإبهام السؤال عن كنه التماثيل في بادىء الكلام إيماء إلى عدم الملاءمة بين حقيقتها المعبر عنها بالتماثيل وبين وصفها بالمعبودية المعبر عنه بعكوفهم عليها . وهذا من تجاهل العارف استعمله تمهيداً لتخطئتهم بعد أن يسمع جوابهم فهم يظنونه سائلاً مستعلماً ولذلك أجابوا سؤاله بقولهم { وجدنا آباءنا لها عابدين } ؛ فإن شأن السؤال بكلمة ( مَا ) أنّه لطلب شرح ماهية المسؤول عنه .

والإشارة إلى التماثيل لزيادة كشف معناها الدال على انحطاطها عن رتبة الألوهية . والتعبير عنها بالتماثيل يسلب عنها الاستقلال الذاتي .

والأصنام التي كان يعبدها الكلدان قوم إبراهيم هي ( بَعْل ) وهو أعظمها ، وكان مصوغاً من ذهب وهو رمز الشمس في عهد سميرميس ، وعبدوا رموزاً للكواكب ولا شك أنهم كانوا يعبدون أصنام قوم نوح : ودّاً ، وسُواعاً ، ويغوثَ ، ويعوقَ ، ونسْراً ، إما بتلك الأسماء وإما بأسماء أخرى . وقد دلت الآثار على أن من أصنام أشور ( إخوان الكلدان ) صنماً اسمه ( نَسْروخ ) وهو نَسْر لا محالة .

وجعْل العكوففِ مسنداً إلى ضميرهم مؤذن بأن إبراهيم لم يكن من قبل مشاركاً لهم في ذلك فيعلم منه أنّه في مقام الرد عليهم ، ذلك أن الإتيان بالجملة الاسمية في قوله تعالى : { أنتم لها عاكفون } فيه معنى دوامهم على ذلك .

وضمن { عاكفون } معنى العبادة ، فلذلك عدّي باللام لإفادة ملازمة عبادتها .