ثم نهاهم عن طاعة المفسدين فى الأرض بعد أن أمرهم بتقوى الله فقال : { وَلاَ تطيعوا أَمْرَ المسرفين الذين يُفْسِدُونَ فِي الأرض وَلاَ يُصْلِحُونَ } .
أى : اجعلوا طاعتكم لله - تعالى - وحده ، ولى بصفتى رسوله إليكم ، واتركوا طاعة زعمائكم وكبرائكم المسرفين فى إصرارهم على الكفر والجحود والذين من صفاتهم أنهم يفسدون فى الأرض فسادا لا يخالطه إصلاح .
قال الآلوسى : قوله : { وَلاَ تطيعوا أَمْرَ المسرفين . . } كأنه عنى بالخطاب جمهور قومه . وبالمسرفين كبراءهم فى الكفر والإضلال . وكانوا تسعة رهط . . . والإسراف : تجاوز الحد فى كل أمر . . والمراد به هنا : زيادة الفساد . . . والمراد بالأرض : أرض ثمود . وقيل : الأرض كلها .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلاَ تُطِيعُوَاْ أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ * قَالُوَاْ إِنّمَآ أَنتَ مِنَ الْمُسَحّرِينَ } .
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل صالح لقومه من ثمود : لا تطيعوا أيها القوم أمر المسرفين على أنفسهم في تماديهم في معصية الله ، واجترائهم على سخطه ، وهم الرهط التسعة الذين كانوا يفسدون في الأرض ، ولا يصلحون من ثمود الذين وصفهم الله جلّ ثناؤه بقوله : وكانَ فِي المَدينَةِ تَسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ يقول : الذين يسعون في أرض الله بمعاصيه ، ولا يصلحون ، يقول : ولا يصلحون أنفسهم بالعمل بطاعة الله .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل صالح لقومه من ثمود: لا تطيعوا أيها القوم أمر المسرفين على أنفسهم في تماديهم في معصية الله، واجترائهم على سخطه، وهم الرهط التسعة الذين كانوا يفسدون في الأرض، ولا يصلحون من ثمود الذين وصفهم الله جلّ ثناؤه بقوله:"وكانَ فِي المَدينَةِ تَسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ" يقول: الذين يسعون في أرض الله بمعاصيه، ولا يصلحون، يقول: ولا يصلحون أنفسهم بالعمل بطاعة الله.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 150]
يقول، والله أعلم: اتقوا نقمة الله في مخالفتكم أمره، {وأطيعون} {ولا تطيعوا أمر المسرفين} أي لا تطيعوا أمر من ظهر منه الإسراف والفساد، ولكن أطيعوا أمري؛ إذ لم يظهر لكم مني إسراف ولا فساد، ولا تطيعوا الذين تعلمون أنهم يفسدون في الأرض، ولا يصلحون.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
... حكى الله تعالى أن صالحا قال لقومه:"لا تطيعوا أمر المسرفين" وهم الذين تجاوزوا الحد بالبعد من الحق.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
وقوله {ولا تطيعوا أمر المسرفين} خاطب به جمهور قومه وعنى، ب {المسرفين} كبراءهم وأعلام الكفر والإضلال فيهم.
... {ولا تطيعوا أمر المسرفين} وهذا إشارة إلى أنه يجب الاكتفاء من الدنيا بقدر الكفاف...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ولا تطيعوا}. ولما كان لانقياد للآمر إنما هو بواسطة ما ظهر من أمره قال: {أمر المسرفين} اي المتجاوزين للحدود الذي صار لهم ذلك خلقاً.
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
أي ولا تطيعوا أمر رؤسائكم الذين تمادوا في معصية ربكم واجترؤوا على سخطه...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
المراد ب {المسرفين} أيمة القوم وكبراؤهم الذين يُغْرونهم بعبادة الأصنام ويبقونهم في الضلالة استغلالاً لجهلهم وليسخروهم لفائدتهم. والإسراف: الإفراط في شيء، والمراد به هنا الإسراف المذموم كله في المال وفي الكفر، ووصفهم بأنهم {يفسدون في الأرض}، فالإسراف منوط بالفساد.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
وإن الناس هم الذين يفسدون الناس، ويخلقون في الأرض أجواء فاسدة، وأولئك هم المسرفون، ولذا قال بعد هذا {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ}. والمسرفون هم الذين يخرجون بطبيعتهم البشرية عن حد الاعتدال، إلى حد الإسراف، فيسرفون في شهواتهم حتى يصيروا عبيدا للشهوات، ويسرفون في أوهامهم، فيحسبون ما تدفع إليه الأوهام حقيقة، وليست إلا وهما باطلا، ويسرفون في طلب السلطان فلا يحسبون أنه لإقامة العدل والقسطاس المستقيم، ويسرفون في القوة فلا يحسبونها لحماية الضعفاء، بل يظنونها للإستعلاء والاستكبار عليهم، وليجعلوهم عبيدا أذلاء.
ونقف عند قوله تعالى: {ولا تطيعوا أمر المسرفين} حيث لم يقل: ولا تسرفوا، وكأن ربنا-عز وجل-يريد أن يوقظ غفلتنا وينبهنا ويحذرنا من دعاة الباطل الذين يزينون لنا الإسراف في أمور حياتنا، ويهونون علينا الحرام يقولون: لا بأس في هذا، ولا مانع من هذا، وهذا ليس بحرام. ربنا يعطينا المناعة اللازمة ضد هؤلاء حتى لا ننساق لضلالاتهم.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{وَلاَ تُطِيعُواْ أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ} الذين أسرفوا على أنفسهم بالكفر والشرك والانحراف عن طاعة الله، لتأكيد امتيازاتهم واستكبارهم وظلمهم للمستضعفين، وهم الطبقة المترفة من أفراد المجتمع، من أشراف القوم وساداتهم الذين أصرّوا على البقاء في مواقعهم الفكرية والعملية، بعيداً عن التغيير المنطلق من الدليل والحجة والبرهان.
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري 1439 هـ :
من الهداية: -التحذير من طاعة المسرفين في الذنوب والمعاصي لوخامة عاقبة طاعتهم.