تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ أَلۡفَوۡاْ ءَابَآءَهُمۡ ضَآلِّينَ} (69)

وكأنه قيل : ما الذي أوصلهم إلى هذه الدار ؟ فقال : { إِنَّهُمْ أَلْفَوْا } أي : وجدوا { آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ أَلۡفَوۡاْ ءَابَآءَهُمۡ ضَآلِّينَ} (69)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك الأسباب التى أدت بهم إلى هذا المصير السيئ فقال - تعالى - : { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ . فَهُمْ على آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ }

وقوله : { أَلْفَوْاْ } من الإِلْفِ للشئ بمعنى التعود عليه بعد وجوده وحصوله .

وقوله : { يُهْرَعُونَ } من الإِهراع بمعنى الإِسراع الشديد ، أو الإِسراع الذى تصحبه رعدة وفزع ، يقال : هُرِع وأُهْرِع - بالبناء للمجهول فيهما - إذا استحث وأزعج ، ويقال : فلان يُهرع - بضم الياء - إذا جاء مسرعا فى غضب أو ضعف أو خوف .

أى : إن ما أصاب هؤلاء الكافرين من عذاب أليم ، سببه أنهم وجدوا آباءهم مقيمين على الضلال ، فاقتدوا بهم اقتداء أعمى ، وساروا خلفهم وعلى آثارهم بسرعة وبغير تدبر أو تعقل ، كما يسير الأعمى خلف من يذهب به إلى طريق هلاكه .

فالآيتان الكريمتان توبيخ شديد لهؤلاء الكافرين ، لأنهم لم يكتفوا بتقليد آبائهم فى الضلال ، بل أسرعوا إلى ذلك إسراعا لا تمهل معه ولا تدبر .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ أَلۡفَوۡاْ ءَابَآءَهُمۡ ضَآلِّينَ} (69)

وقوله : إنّهُمْ ألْفَوْا آباءَهُمْ ضَالينَ يقول : إن هؤلاء المشركين الذين إذا قيل لهم : قولوا لا إله إلا الله يستكبرون ، وجدوا آباءهم ضُلاّلاً عن قصد السبيل ، غير سالكين مَحَجّة الحقّ فَهُمْ على آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ يقول : فهؤلاء يُسْرع بهم في طريقهم ، ليقتفوا آثارهم وسنتهم يقال منه : أُهْرِع فلان : إذا سار سيرا حثيثا فيه شبه بالرعدة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس قوله : إنّهُمْ ألْفَوْا آباءَهُمْ ضَالّينَ : أي وجدوا آباءهم ضالّين .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّهُمْ ألْفَوْا آباءَهُمْ : أي وجدوا آباءهم .

وبنحو الذي قلنا في يُهْرَعون أيضا ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : فَهُمْ على آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ قال : كهيئة الهرْوَلة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَهُمْ على آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ : أي يُسرعون إسراعا في ذلك .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : يُهْرَعُونَ قال : يُسْرِعون .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : يُهْرَعُونَ إلَيْهِ قال : يستعجلون إليه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ أَلۡفَوۡاْ ءَابَآءَهُمۡ ضَآلِّينَ} (69)

تعليل لِما جازاهم الله به من العذاب وإبداء للمناسبة بينه وبين جُرمهم ، فإن جرمهم كان تلقياً لما وجدوا عليه آباءهم من الشرك وشُعَبه بدون نظر ولا اختيار لما يختاره العاقل ، فكان من جزائهم على ذلك أنهم يطعمون طعاماً مؤلماً ويسقَون شراباً قذِراً بدون اختيار كما تلَقوا دين آبائهم تقليداً واعتباطاً .

فموقع ( إنَّ ) موقع فاء السببية ، ومعناها معنى لام التعليل ، وهي لذلك مفيدة ربط الجملة بالتي قبلها كما تربطها الفاء ولام التعليل كما تقدم غير مرة .

والمراد : المشركون من أهل مكة الذين قالوا : { إنا وجدنا آباءنا على أمة } [ الزخرف : 22 ] .

وفي قوله : { ألْفَوا ءَابَآءَهُم ضَالِينَ } إيماء إلى أن ضلالهم لا يخفى عن الناظر فيه لو تُركوا على الفطرة العقلية ولم يغشَوها بغشاوة العناد .