تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{مَّرۡفُوعَةٖ مُّطَهَّرَةِۭ} (14)

1

المفردات :

في صحف : منتسخة من اللوح المحفوظ .

مكرمة : شريفة عند الله .

مرفوعة : رفيعة القدر والمنزلة عنده تعالى .

مطهرة : منزهة عن أيدي الشياطين ، وعن النقص .

بأيدي سفرة : كتبه من الملائكة ينسخونها من اللوح المحفوظ .

كرام : أعزّاء على الله تعالى .

بررة : أتقياء مطيعين لله تعالى ، وهم الملائكة .

التفسير :

13 ، 14 ، 15 ، 16- في صحف مكرّمة* مرفوعة مطهّرة* بأيدي سفرة* كرام بررة .

إن آيات القرآن مثبتة في صحف منتسخة من اللوح المحفوظ ، مكرّمة عند الله جل وعلا ، لما فيها من العلم والحكمة ، ولنزولها من اللوح المحفوظ .

مرفوعة مطهّرة . رفيعة القدر عند الله لاشتمالها على أصول العقائد والآداب والأخلاق ، مطهّرة . منزهة عن النقص والضلالة ، ومحفوظة من عبث الشياطين والكفار لا ينالونها .

بأيدي سفرة . محمولة بأيدي سفرة ، أي : وسائط من الملائكة يسفرون بين الله ورسله ، لتبليغ الوحي الإلهي للرسل الكرام .

قال تعالى : الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس . . . ( الحج : 75 ) .

وقال تعالى : نزل به الروح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين . ( الشعراء : 193 ، 194 ) .

كرام بررة .

مكرمين عند ربهم ، مطيعين له ، كرام على الله ، فيهم بر بالمؤمنين وعطف عليهم ، حيث إنهم يدعون الله أن يغفر للتائبين ، وأن يحفظهم من السيئات ، وأن يشملهم برحمته .

قال تعالى : بل عباد مكرمون . ( الأنبياء : 26 ) .

وقال سبحانه : لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . ( التحريم : 6 ) .

وقال عز شأنه : الذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم* ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم* وقهم السيئات ومن اتق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم . ( غافر : 7-9 ) .

وتطلق السفرة على الملائكة لأنها تسفر بين الله وبين الرسل ، وكذلك تطلق على الرسل لأنها تحمل رسالة الله إلى الناس ، كلاهما يطلق عليه سفرة .

وقال ابن جرير الطبري :

والصحيح أن السفرة : الملائكة ، وهم السفرة بين الله تعالى وبين خلقه ، ومنه يقال : السفير ، أي : الذي يسعى بين الناس في الصلح والخير .

أخرج الجماعة ( أحمد وأصحاب الكتب الستة ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرؤه وهو عليه شاق ، له أجران )iii .

في ظلال القرآن

علّق صاحب الظلال بضع صفحات على صدر سورة عبس ، ذكر فيها أن الحق جل جلاله جعل هداية السماء عالية سامقة ، لا ينالها إلا من رغب فيها ، وقد استجابت نفس الرسول صلى الله عليه وسلم وانفعلت بهذا التوجيه ، واندفعت إلى قرار هذه الحقيقة في حياته كلها ، وفي حياة الجماعة المسلمة ، لقد كان الإسلام ميلادا جديدا للبشرية ، كميلاد الإنسان الأول .

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا الحادث يهش لابن أم مكتوم ويرعاه ، ويقول له كلما لقيه : ( أهلا بمن عاتبني فيه ربي ) ، وقد استخلفه مرتين بعد الهجرة على المدينة .

وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار ، وجعل عمه حمزة ، ومولاه زيد بن حارثة أخوين ، وقد جعل زيدا أميرا في غزوة مؤتة ، وكان آخر أعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمر أسامة بن زيد على جيش لغزو الروم ، يضم كثرة من المهاجرين والأنصار ، فيهم أبو بكر وعمر وزيراه وصاحباه ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( سلمان منّا أهل البيت )iv .

وأخرج الشيخان ، والترمذي ، عن أبي موسى قوله : قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا ، وما نرى عبد الله بن مسعود وأمّه إلا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من كثرة دخولهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولزومهما لهv .

واستمر الخلفاء على هذا الهدى ، فمشى أبو بكر الصديق- وهو خليفة- يودّع بنفسه أسامة بن زيد ، ويقول : وما علي أن اغبر قدمي في سبيل الله ساعة . ثم يقول لأسامة : إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل .

ثم تمضي عجلة الزمن ، فنرى عمر بن الخطاب يولّى عمار بن ياسر على الكوفة .

ويقول عمر : أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا . يعني بلالا ، الذي كان مملوكا لأمية بن خلف ، واشتراه أبو بكر وأعتقه .

وقد كان عبد الله يذكر ويذكر معه مولاه عكرمة ، وكان عبد الله بن عمر يذكر ويذكر معه مولاه نافع .

وتمتّع كثير من الموالي بتولي الفتيا مثل : الحسن البصري بالبصرة ، ومجاهد بن جبر ، وعطاء بن رباح وغيرهم .

وظل ميزان السماء يرجح بأهل التقوى ولو تجردوا من قيم الأرض كلها ، في اعتبار أنفسهم ، وفي اعتبار الناس من حولهم .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{مَّرۡفُوعَةٖ مُّطَهَّرَةِۭ} (14)

مرفوعة : عالية القدر والشأن .

مطهَّرة : منزهة عن العبث والنقص .

عاليةِ القدر والمكانة بتعاليمها وحِكَمها البالغة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{مَّرۡفُوعَةٖ مُّطَهَّرَةِۭ} (14)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"فِي صُحُفٍ مُكَرّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهّرَةٍ" يعني في اللوح المحفوظ، وهو المرفوع المطهّر عند الله.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{مرفوعة} أي مرفوعة القدر {مطهرة} من التناقض والاختلاف، أو مطهرة من أن تنالها أيدي العصاة، أو مطهرة من الأقذار والأدناس...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

أي مصونة عن أن تنالها أيدي الكفار الأنجاس...

أي رفعها الله عن دنس الأنجاس ونزهها عن ذلك...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

مرفوعة في القَدْر والرتبة، مطهرة من التناقض والكذب...

معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :

{مطهرة} لا يمسها إلا المطهرون، وهم الملائكة...

مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي 710 هـ :

{مُّطَهَّرَةٍ} عن مس غير الملائكة أو عما ليس من كلام الله تعالى...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

(مُطَهَّرَةٍ) أي: من الدنس والزيادة والنقص...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{مرفوعة} أي علية المقدار بإعلاء كل أحد لا سيما من له الأمر كله {مطهرة} أي منزهة عن أيدي أهل السفول وعن قولهم إنها شعر أو سحر ونحو ذلك،...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {مطهرة} اسم مفعول مِن طَهَّره إذا نظَّفه. والمراد هنا: الطهارة المجازية وهي الشرف، فيجوز أن يحمل الصحف على حقيقته فتكون أوصافها ب {مُكرمة، مرفوعة، مطهرة} محمولة على المعاني المجازية وهي معاني الاعتناء بها كما قال تعالى: {قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم} [النمل: 29]. وتشريفها كما قال تعالى: {إن كتاب الأبرار لفي عليين} [المطففين: 18] وقُدسِيةِ معانيها كما قال تعالى: {ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم} [البقرة: 129]، وكان المرادُ بالصحف الأشياء التي كتب فيها القرآن من رقوق وقراطيسَ، وأكتاف، ولِخاف، وجريد. فقد روي أن كتَّاب الوحي كانوا يكتبون فيها كما جاء في خبر جمع أبي بكر للمصحف حين أمر بكتابته في رقوق أو قراطيس، ويكون إطلاق الصحف عليها تغليباً ويكون حرف (في) للظرفية الحقيقية ويكون المراد بالسفرة جمع سافر، أي كاتب، وروي عن ابن عباس. قال الزجاج: وإنما قيل للكتاب سفر (بكسر السين) وللكاتب سَافر؛ لأن معناه أنه يبين الشيء ويوضحه يقال: أسفر الصبح، إذا أضاء وقاله الفراء. ويجوز أن يراد بالصحف كتب الرسل الذين قبل محمد صلى الله عليه وسلم مثل التوراة والإِنجيل والزبور وصحف إبراهيم عليه السلام. فتكون هذه الأوصاف تأييداً للقرآن بأن الكتب الإلهية السابقة جاءت بما جاء به. ومعنى كون هذه التذكرة في كتب الرسل السابقين: أن أمثال معانيها وأصولها في كتبهم، كما قال تعالى: {إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى} [الأعلى: -18 -19] وكما قال: {وإنه لفي زبر الأولين} [الشعراء: 196] وكما قال: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى} [الشورى: 13]. ويجوز أن يراد بالصحف صحفٌ مجازية، أي ذوات موجودةٌ قدسيةٌ يتلقى جبريل عليه السلام منها القرآن الذي يؤمر بتبليغه للنبيء صلى الله عليه وسلم ويكون إطلاق الصحف عليها لشبهها بالصحف التي يكتب الناس فيها. ومعنى {مكرمة} عناية الله بها، ومعنى {مرفوعة} أنها من العالم العلوي، ومعنى {مطهرة} مقدسة مباركة، أي هذه التذكرة مما تضمنه علم الله وما كتبه للملائكة في صحف قدسية. وعلى الوجهين المذكورين في المراد بالصحف فَ"سَفَرة" يجوز أن يكون جمع سَافر، مثل كاتب وكتبة، ويجوز أن يكون اسم جمع سَفير، وهو المرسَل في أمر مهم، فهو فَعيل بمعنى فاعل، وقياس جمعه سفراء وتكون (في) للظرفية المجازية، أي المماثلة في المعاني...

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{مَّرۡفُوعَةٖ مُّطَهَّرَةِۭ} (14)

" مرفوعة " رفيعة القدر عند الله . وقيل : مرفوعة عنده تبارك وتعالى . وقيل : مرفوعة في السماء السابعة ، قاله يحيى بن سلام . الطبري : مرفوعة الذكر والقدر . وقيل : مرفوعة عن الشبه والتناقض . " مطهرة " قال الحسن : من كل دنس . وقيل : مصانة{[15802]} عن أن ينالها الكفار . وهو معنى قول السدي . وعن الحسن أيضا : مطهرة من أن تنزل على المشركين . وقيل : أي القرآن أثبت للملائكة في صحف يقرؤونها فهي مكرمة مرفوعة مطهرة .


[15802]:كذا في الأصول، وهو مخالف لما في كتب اللغة. والصواب: (مصونة). انظر تاج العروس.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{مَّرۡفُوعَةٖ مُّطَهَّرَةِۭ} (14)

{ مرفوعة } إن كانت الصحف المصاحف فمعناه مرفوعة المقدار وإن كانت صحف الملائكة فمعناه كذلك أو مرفوعة في السماء ، ومطهرة أي : منزهة عن أيدي الشياطين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{مَّرۡفُوعَةٖ مُّطَهَّرَةِۭ} (14)

{ مرفوعة } أي علية{[71656]} المقدار بإعلاء كل أحد لا سيما من له الأمر كله { مطهرة * } أي منزهة عن أيدي أهل السفول وعن قولهم إنها شعر أو سحر ونحو ذلك ،


[71656]:من ظ و م، وفي الأصل: عالية.