التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ عَيۡنَيۡنِ} (8)

ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك جانبا من مظاهر نعمه ، على هذا الإِنسان الجاهل والمغرور . فقال - تعالى - : { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ . وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ . وَهَدَيْنَاهُ النجدين } .

والاستفهام هنا للتقرير ، لأن الله - تعالى - قد جعل له كل ذلك ، ولكنه لم يشكر الله - تعالى - على هذه النعم ، بل قابلها بالجحود والبطر . .

أى : لقد جعلنا لهذا الإِنسان عينين ، يبصر بهما ، وجعلنا له لسانا ينطق به ، وشفتين - وهما الجلدتان اللتان تستران الفم والأسنان - تساعدانه على النطق الواضح السليم .

واقتصر - سبحانه - على العينين ، لأنهما أنفع المشاعر ، ولأن المقصود إنكار ظنه أنه لم يره أحد ، ولأن الإِبصار حاصل بذاتهما .

وذكر - سبحانه - اللسام وذكر معه الشفتين ، للدلالة على أن النطق السليم ، لا يتأتى إلا بوجودهما معا ، فاللسان لا ينطق نطقا صحيحا بدون الشفتين ، وهما لا ينطقان بدونه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ عَيۡنَيۡنِ} (8)

وأمام هذا الغرور الذي يخيل للإنسان أنه ذو منعة وقوة ، وأمام ضنه بالمال وادعائه أنه بذل الكثير ، يجابهه القرآن بفيض الآلاء عليه في خاصة نفسه ، وفي صميم تكوينه ، وفي خصائص طبيعته واستعداداته تلك الآلاء التي لم يشكرها ولم يقم بحقها عنده :

( ألم نجعل له عينين ? ولسانا وشفتين ? وهديناه النجدين ? ) . .

إن الإنسان يغتر بقوته ، والله هو المنعم عليه بهذا القدر من القوة . ويضن بالمال . والله هو المنعم عليه بهذا المال . ولا يهتدي ولا يشكر ، وقد جعل له من الحواس ما يهديه في عالم المحسوسات : جعل له عينين على هذا القدر من الدقة في تركيبهما وفي قدرتهما على الإبصار . وميزه بالنطق ،

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ عَيۡنَيۡنِ} (8)

وقوله : { أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ } أي : يبصر بهما ،

/خ9

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ عَيۡنَيۡنِ} (8)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم ذكر النعم ، فقال :{ ألم نجعل له عينين }؟...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

ألم نجعل لهذا القائل "أهْلَكْتُ مالاً لُبَدا عينين" يبصر بهما حُجَج الله عليه ، ولسانا يعبر به عن نفسه ما أراد ، وشفتين ، نعمة منا بذلك عليه ... عن قتادة ، قوله : "أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسانا وَشَفَتَيْنِ" ، نِعَم من الله متظاهرة ، يقررك بها كيما تشكره . ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

فإن كان قوله : { أيحسب أن لن يقدر عليه أحد } على نفي القدرة على البعث، ففي ذكر العينين نفي تلك الشبهة ، وهو أن الله تعالى أنشأ له بصرا يرى بفتحة واحدة ما بين السماء والأرض . فمن بلغت قدرته هذا لا يعجزه شيء أو يخفى عليه أمر .

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ ألم نجعل } أي بما لنا من العظمة التي لا يمكن أحداً أن يضاهيها ولا يقرب منها { له عينين } يبصر بهما وإلا لتعطل عليه أكثر ما يريد ، شققناهما وهو في الرحم في ظلمات ثلاث على مقدار مناسب لا يزيد إحداهما على الأخرى شيئاً وقدرنا البياض والسواد أو الزرقة أو الشهلة أو غير ذلك على ما ترون ، وأودعناهما البصر على كيفية يعجز الخلق عن إدراكها . ...

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

قال القاشاني: أي ألم ننعم عليه بالآلات البدنية التي يتمكن بها من اكتساب الكمال ليبصر ما يعتبر به ويسأل عما لا يعلم ويتكلم فيه ؟ ....

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

( ألم نجعل له عينين ? ولسانا وشفتين ? وهديناه النجدين ? ) . . إن الإنسان يغتر بقوته ، والله هو المنعم عليه بهذا القدر من القوة . ويضن بالمال . والله هو المنعم عليه بهذا المال . ولا يهتدي ولا يشكر ، وقد جعل له من الحواس ما يهديه في عالم المحسوسات : جعل له عينين على هذا القدر من الدقة في تركيبهما وفي قدرتهما على الإبصار . وميزه بالنطق ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

تعليل للإِنكار والتوبيخ في قوله : { أيحسب أن لن يقدر عليه أحد } [ البلد : 5 ] أو قوله : { أيحسب أن لم يره أحد } [ البلد : 7 ] أي هو غافل عن قدرة الله تعالى وعن علمه المحيط بجميع الكائنات الدال عليهما أنه خَلَق مشاعر الإِدراك التي منها العينان ، وخَلَق آلات الإِبانة وهي اللسان والشفتان ، فكيف يكون مفيض العلم على الناس غير قادر وغير عالم بأحوالهم قال تعالى : { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } [ الملك : 14 ] .

والاستفهام يجوز أن يكون تقريرياً وأن يكون إنكارياً .

والاقتصار على العينين لأنهما أنفع المشاعر ولأن المعلَّل إنكار ظنه إن لم يره أحد .