مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي [إخفاء]  
{أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرٗا فَهُم مِّن مَّغۡرَمٖ مُّثۡقَلُونَ} (40)

قوله تعالى : { أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون } .

وجه التعلق هو أن المشركين لما اطرحوا الشرع واتبعوا ما ظنوه عقلا ، وسموا الموجود بعد العدم مولودا ومتولدا ، والموجد والدا لزمهم الكفر بسببه والإشراك ، فقال لهم ما الذي يحملكم على اطراح الشرع ، وترك اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ هل ذلك لطلبه منكم شيئا فما كان يسعهم أن يقولوا نعم ، فلم يبق لهم إلا أن يقولوا لا ، فنقول لهم : كيف اتبعتم قول الفلسفي الذي يسوغ لكم الزور وما يوجب الاستخفاف بجانب الله تعالى لفظا إن لم يكن معنى كما تقولون ، ولا تتبعون الذي يأمركم بالعدل في المعنى والإحسان في اللفظ ، ويقول لكم اتبعوا المعنى الحق الواضح واستعملوا اللفظ الحسن المؤدب ؟ وهذا في غاية الحسن من التفسير ففيه مسائل :

المسألة الأولى : ما الفائدة في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال { أم تسألهم } ولم يقل أم يسألون أجرا كما قال تعالى : { أم يقولون } وقال تعالى : { أم يريدون كيدا } إلى غير ذلك ؟ نقول فيه فائدتان :

إحداهما : تسلية قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأنهم لما امتنعوا من الاستماع واستنكفوا من الإتباع صعب على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له ربه أنت أتيت بما عليك فلا يضيق صدرك حيث لم يؤمنوا فأنت غير ملوم ، وإنما كنت تلام لو كنت طلبت منهم أجرا فهل طلبت ذلك فأثقلهم ؟ لا فلا حرج عليك إذا .

ثانيهما : أنه لو قال أم يسألون لزم نفي أجر مطلقا وليس كذلك ، وذلك لأنهم كانوا يشركون ويطالبون بالأجر من رؤسائهم ، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أنت لا تسألهم أجرا فهم لا يتبعونك وغيرك يسألهم وهم يسألون ويتبعون السائلين وهذا غاية الضلال .

المسألة الثانية : إن قال قائل ألزمت أن تبين أن أم لا تقع إلا متوسطة حقيقة أو تقديرا فكيف ذلك هاهنا ؟ نقول كأنه تعالى يقول أتهديهم لوجه الله أم تسألهم أجرا ، وترك الأول لعدم وقوع الإنكار عليه كما قلنا في قوله { أم له البنات } إن المقدار هو واحد أم له البنات ، وترك ذكر الأول لعدم وقوع الإنكار عليه من الله تعالى وكونهم قائلين بأنه لا يريد وجه الله تعالى ، وإنما يريد الرياسة والأجر في الدنيا .

المسألة الثالثة : هل في خصوص قوله تعالى { أجرا } فائدة لا توجد في غيره لو قال أم تسألهم شيئا أو مالا أو غير ذلك ؟ نقول نعم ، وقد تقدم القول مني أن كل لفظ في القرآن فيه فائدة وإن كنا لا نعلمها ، والذي يظهر هاهنا أن ذلك إشارة إلى أن ما يأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فيه مصلحتهم وذلك لأن الأجر لا يطلب إلا عند فعل شيء يفيد المطلوب منه الأجر فقال : أنت أتيتهم بما لو طلبت عليه أجرا وعلموا كمال ما في دعوتك من المنفعة لهم وبهم ، لأتوك بجميع أموالهم ولفدوك بأنفسهم ، ومع هذا لا تطلب منهم أجرا ، ولو قال شيئا أو مالا لما حصلت هذه الفائدة ، والله أعلم .

المسألة الرابعة : هذا يدل على أنه لم يطلب منهم أجرا ما ، وقوله تعالى : { قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } يدل على أنه طلب أجرا ما فكيف الجمع بينهما ؟ نقول لا تفرقة بينهما بل الكل حق وكلاهما ككلام واحد ، وبيانه هو أن المراد من قوله { إلا المودة في القربى } هو أني لا أسألكم عليه أجرا يعود إلى الدنيا ، وإنما أجرى المحبة في الزلفى إلى الله تعالى ، وأن عباد الله الكاملين أقرب إلى الله تعالى من عباده الناقصين ، وعباد الله الذين كلمهم الله وكلموه وأرسلهم لتكميل عباده فكملوا أقرب إلى الله من الذين لم يكلمهم و لم يرسلهم الله ولم يكملوا وعلى هذا فهو في معنى قوله { إن أجري إلا على الله } وإليه أنتمي وقوله صلى الله عليه وسلم : «فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة » وقوله { فهم من مغرم مثقلون } وبين ما ذكرنا أن قوله { أم تسئلهم أجرا } المراد أجر الدنيا وقوله { قل لا أسألكم عليه أجرا } المراد العموم ثم استثنى ، ولا حاجة إلى ما قاله الواحدي إن ذلك منقطع معناه لكن المودة في القربى ، وقد ذكرناه هناك فليطلب منه .

المسألة الخامسة : قوله تعالى : { فهم من مغرم مثقلون } إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم ما طلب منهم شيئا ولو طالبهم بأجر ما كان لهم أن يتركوا اتباعه بأدنى شيء ، اللهم إلا إن أثقلهم التكليف ويأخذ كل ما لهم ويمنعهم التخليف فيثقلهم الدين بعد ما لا يبقى لهم العين .

 
المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرٗا فَهُم مِّن مَّغۡرَمٖ مُّثۡقَلُونَ} (40)

40 - بل أتسألهم شيئا من الأجر على تبليغ الرسالة ، فهم لما يلحقهم من الغرامة مثقلون متبرمون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرٗا فَهُم مِّن مَّغۡرَمٖ مُّثۡقَلُونَ} (40)

وهم كانوا يستثقلون دعوة النبي لهم إلى الهدى ؛ وهو يقدمه لهم خالصا بريئا ، لا يطلب عليه أجرا ، ولا يفرض عليهم إتاوة . وأيسر ما يقتضيه هذا العرض البريء أن يستقبل صاحبه بالحسنى ، وأن يرد بالحسنى إذا لم يقبلوا ما يقدمه لهم ويعرضه عليهم . وهو هنا يستنكر مسلكهم الذي لا داعي له يقول :

( أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون ? ) . .

أي مثقلون من الغرم الذي تكلفهم إياه في صورة الأجر على ما تقول ! فإذا كان الواقع أن لا أجر ولا غرامة . فكم يبدوا عملهم مسترذلا قبيحا ، يخجلون منه حين يواجهون به ?

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرٗا فَهُم مِّن مَّغۡرَمٖ مُّثۡقَلُونَ} (40)

{ أم تسألهم أجرا } على تبليغ الرسالة . { فهم من مغرم } من التزام غرم . { مثقلون } محملون الثقل فلذلك زهدوا في اتباعك .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرٗا فَهُم مِّن مَّغۡرَمٖ مُّثۡقَلُونَ} (40)

أم تسألهم عَلَى تبليغ الرسالة أجراً فهم مثقلون من الغُرم والإلزام في المال ( بحيث يزهدهم ذلك في اتباعك ؟ ) .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرٗا فَهُم مِّن مَّغۡرَمٖ مُّثۡقَلُونَ} (40)

35

المفردات :

مغرم : التزام غرامة تطلبها منهم .

مثقلون : محمّلون ما يثقلهم ويجهدهم .

التفسير :

40- { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ } .

لقد أدّى جميع الرّسل رسالات السماء تطوعا دون أجر ، أو تقاضي أموال من المرسل إليهم .

وكان محمد صلى الله عليه وسلم مشهورا بأنه الصادق الأمين ، وكان حريصا على هدايتهم ، ومع هذا أعرضوا عن الهداية التي قدّمها الرسول صلى الله عليه وسلم لهم .

وهنا يتساءل القرآن : هل أنت يا محمد تطلب منهم أجرا وأموالا كثيرة على تبليغ الرسالة ، أو دخولهم في الإسلام ، فهم مشفقون من التزام غرامة ثقيلة تطلبها منهم على الهداية ؟

الواقع أنك لا تطلب منهم أجرا كبيرا ولا قليلا ، فلماذا يفرّون من الهدى ، وفيه صلاحهم وهو بين أيديهم ؟

وقريب من هذه الآية قوله تعالى على لسان نوح عليه السلام : { ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله . . } . ( هود : 29 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرٗا فَهُم مِّن مَّغۡرَمٖ مُّثۡقَلُونَ} (40)

{ فهم من مغرم مثقلون } أي فهم من ثقل ما حملتهم من الغرم متبعون مجهدون ؛ فلذلك لا يتبعونك ! يقال : أثقله الحمل ، أتعبه . والمغرم والغرم : ما ينوب الإنسان في ماله من ضرر لغير جناية منه أو خيانة .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرٗا فَهُم مِّن مَّغۡرَمٖ مُّثۡقَلُونَ} (40)

من مَغرم مثقلون : من غرامة ثقيلة عليهم .

هل طلبَ منهم أجرة باهظة تُثقل كواهلهم { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } ؟

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرٗا فَهُم مِّن مَّغۡرَمٖ مُّثۡقَلُونَ} (40)

{ أَمْ تسألهم أَجْراً } أي على تبليغ الرسالة وهو رجوع إلى خطابه صلى الله عليه وسلم وإعراض عنهم { فَهُمُ } لأجل ذلك { مّن مَّغْرَمٍ } مصدر ميمي من الغرم والغرامة وهو كما قال الراغب ما ينوب الإنسان في ماله من ضرر لغير جناية منه ، فالكلام بتقدير مضاف أي من التزام مغرم ، وفسره الزمخشري بالتزام الإنسان ما ليس عليه فلا حاجة إلى تقدير لكن الذي تقتضيه اللغة هو الأول { مُّثْقَلُونَ } أي محمولن الثقل فلذلك لا يتبعونك .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرٗا فَهُم مِّن مَّغۡرَمٖ مُّثۡقَلُونَ} (40)

شرح الكلمات :

{ أم تسألهم أيها الرسول أجراً ؟ } : أي على إبلاغ دعوتك .

{ فهم من مغرم مثقلون } : أي فهم من فداحة الغرم مغتمون ومعبون فكرهوا ما تقول لذلك .

المعنى :

وقوله : { أم تسألهم أجرا من مغرم مثقلون } أي أتسألهم يا رسولنا عما تبلغهم عنا أجراً فهم لذلك مغتمون ومتعبون فلا يستطيعون الإِيمان بك ولا يقدرون على الأخذ عنك .

الهداية

من الهداية :

- عدم مشروعية أخذ أجرٍ على إبلاغ الدعوة .