اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ أَجۡرٗا فَهُم مِّن مَّغۡرَمٖ مُّثۡقَلُونَ} (40)

{ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً } جعلاً على ما جئتهم به ودعوتهم إليه { فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } أي أثقلهم ذلك المَغْرَم الذي يسألهم ، فيمنعهم ذلك عن الإسلام .

فإن قيل : ما الفائدة في سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم {[53280]}- حيث قال : أَمْ تَسْأَلُهُمْ ولم يقل : أَمْ تُسْأَلُونَ أجراً كما قال تعالى : { أَمْ يَقُولُونَ } { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً } إلى غير ذلك ؟

فالجواب : أنَّ فيه فائدتين :

إحداهما{[53281]} : تسلية قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنهم لما امتنعوا عن الاستماع صَعُبَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له ربه : أَنْتَ أتيتَ بما عليك فلا يَضيقُ صدرُك حيث لم يُؤْمنوا ، فأنت غير مُلْزَم ، وإنما كنت تُلاَمُ إن كنت طلبت منهم أجراً فهل طلبت ذلك فأَثْقَلْتَهُمْ فلا حَرَجَ عليك إذَنْ .

الثانية : لو قال : أَمْ تُسْأَلُونَ ففي طلب الأجر مطلقاً وليس كذلك لأنهم كانوا مشركين مطالبين بالأجر من رؤسائهم وأما النبي - صلى الله عليه وسلم -{[53282]} فقال : أنتَ لا تسألهم أجراً فهم لا يَتَّبِعُونَك وغيرهُم يسألهم وهم يسألون ويتَّبِعون السائلين هذا غاية الضَّلاَل .


[53280]:في ب –عليه الصلاة والسلام-.
[53281]:في النسختين أحدهما. وهو خطأ نحوي.
[53282]:في ب –عليه الصلاة والسلام-.