معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلۡعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمۡ وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ} (85)

قوله تعالى : { وإذا رأى الذين ظلموا } ، كفروا ، { العذاب } ، يعني : جهنم ، { فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلۡعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمۡ وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ} (85)

{ وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } : أي : أشركوا ، { الْعَذَابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ } ، أي : لا يفتر عنهم ساعة واحدة ، { وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ } ، أي : [ و ]{[1]} لا يؤخر عنهم ، بل يأخذهم سريعا من الموقف بلا حساب ، فإنه إذا جيء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك ، فيشرف عُنُق منها على الخلائق ، وتزفر زفرة لا{[2]} يبقى أحد إلا جثا لركبتيه ، فتقول : إني وكلت بكل جبار عنيد ، الذي جعل مع الله إلهًا آخر ، وبكذا وكذا{[3]} وتذكر{[4]} أصنافا من الناس ، كما جاء في الحديث . ثم تنطوي{[5]} عليهم وتتلقطهم من الموقف كما يتلقط الطائر الحب ، قال الله تعالى : { إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا } [ الفرقان : 12 - 14 ] ، وقال تعالى : { وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا } [ الكهف : 53 ] . وقال تعالى : { لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ } [ الأنبياء : 39 ، 40 ] .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
[4]:في د: "إنهم قالوا".
[5]:في د: "تكفروهما".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلۡعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمۡ وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ} (85)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا رَأى الّذِينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ فَلاَ يُخَفّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وإذا عاين الذين كذّبوك يا محمد وجَحَدوا نُبوّتك والأمم الذين كانوا على منهاج مشركي قومك عذاب الله ، فلا ينجيهم من عذاب الله شيء لأنهم لا يؤذن لهم فيعتذرون ، فيخفّف عنهم العذاب بالعذر الذي يدّعونه ، { وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ } يقول : ولا يُرْجَئُون بالعقاب ؛ لأن وقت التوبة والإنابة قد فات ، فليس ذلك وقتا لهما ، وإنما هو وقت للجزاء على الأعمال ، فلا ينظر بالعتاب ليعتب بالتوبة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلۡعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمۡ وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ} (85)

وكذا قوله : { وإذا رأى الذين ظلموا العذاب } ، عذاب جهنم . { فلا يخفّف عنهم } ، أي : العذاب . { ولا هم يُنظرون } ، يمهلون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلۡعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمۡ وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ} (85)

وقوله : { وإذا رأى الذين ظلموا العذاب } الآية ، أخبر الله تعالى في هذه الآية أن هؤلاء الكفرة الظالمين في كفرهم ، إذا أراهم الله عذاب الله وشارَفُوها وتحققوا كنه شدتها ، فإن ذلك الأمر الهائل الذي نزل بهم لا يخفف بوجه ولا يؤخر عنهم ، وإنما مقصد الآية الفرق بين ما يحل بهم وبين رزايا الدنيا ، فإن الإنسان لا يتوقع أمراً من خطوب الدنيا إلا وله طمع في أن يتأخر عنه وفي أن يجيئه في أخف ما يتوهم برجائه ، وكذلك متى حل به كان طامعاً في أن يخف ، وقد يقع ذلك في خطوب الدنيا كثيراً ، فأخبر الله تعالى أن عذاب الآخرة إذا عاينه الكافر ، لا طماعية فيه بتخفيف ولا بتأخير .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلۡعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمۡ وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ} (85)

عطف على جملة { ثم لا يؤذن للذين كفروا } [ سورة النحل : 84 ] . و { إذا } شرطية ظرفية .

وجملة { فلا يخفف } جواب { إذا } . وقرن بالفاء لتأكيد معنى الشرطية والجوابية لدفع احتمال الاستئناف .

وصاحب « الكشاف » جعل { إذا } ظرفاً مجرّداً عن معنى الشرطية منصوباً بفعل محذوف لقصد التهويل يقتضي تقديره عدمُ وجود متعلّق للظرف ليقدّر له متعلّق بما يناسب ، كما قدّر في قوله تعالى : { ويوم نبعث } [ سورة النحل : 84 ] . والتقدير : إذا رأى الذين ظلموا العذاب ثقل عليهم وبغتهم ، وعلى هذا فالفاء في قوله : { فلا يخفف } فصيحة وليست رابطة للجواب .

و { الذين ظلموا } هم الذين كفروا ، فالتعبير به من الإظهار في مقام الإضمار لقصد إجراء الصفات المتلبّسين بها عليهم . والمعنى : فلا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون ، ثم يساقون إلى العذاب فإذا رأوه لا يخفّف عنهم ، أي يسألون تخفيفه أو تأخير الإقحام فيه فلا يستجاب لهم شيء من ذلك . وأطلق العذاب على آلاته ومكانه . وجاء المسند إليه مُخبراً عنه بالجملة الفعلية ، لأن الإخبار بالجملة الفعلية عن الاسم يفيد تقوّي الحكم ، فأريد تقوّي حكم النفي ، أي أن عدم تخفيف العذاب عنهم محقّق الوقوع لا طماعية في إخلافه ، فحصل تأكيد هذه الجملة كما حصل تأكيد الجملة التي قبلها بالفاء ، أي فهم يلقون بسرعة في العذاب .