في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا يُكَذِّبُ بِهِۦٓ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

ويحدد موضوع التكذيب ، وحقيقة المكذبين :

( الذين يكذبون بيوم الدين . وما يكذب به إلا كل معتد أثيم . إذا تتلى عليه آياتنا قال : أساطير الأولين ) . . فالاعتداء والإثم يقودان صاحبهما إلى التكذيب بذلك اليوم

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا يُكَذِّبُ بِهِۦٓ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

قال الله تعالى : { وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } أي : معتد في أفعاله ؛ من تعاطي الحرام والمجاوزة في تناول المباح والأثيم{[29849]} في أقواله : إن حدث كذب ، وإن وعد أخلف ، وإن خاصم فجر .


[29849]:- (4) في أ: "والإثم".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا يُكَذِّبُ بِهِۦٓ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

و «المعتدي » : الذي يتجاوز حدود الأشياء ، و «الأثيم » : بناء مبالغة في آثم

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا يُكَذِّبُ بِهِۦٓ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

فالتكذيب بيوم الجزاء هو منشأ الإقدام على السيئات والجرائم ، ولذلك أعقبه بقوله : { وما يكذب به إلا كل معتدٍ أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين } أي أن تكذيبهم به جهل بحكمة الله تعالى في خلق الناس وتكليفهم إذ الحكمة من خلق الناس تقتضي تحسين أعمالهم وحفظ نظامهم . فلذلك جاءتهم الشرائع آمرة بالصلاح وناهية عن الفساد . ورتب لهم الجزاء على أعمالهم الصالحة بالثواب والكرامة ، وعلى أعمالهم السيئة بالعذاب والإهانة . كل على حسب عمله : فلو أهمل الخالق تقويم مخلوقاته وأهمل جزاء الصالحين والمفسدين ، لم يكن ذلك من حكمة الخلق قال تعالى : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى اللَّه الملك الحق } [ المؤمنون : 115 ، 116 ] .

وقد ذكر للمكذبين بيوم الدين ثلاثة أوصاف وهي : معتد ، أثيم ، يقول إن الآيات أساطير الأولين .

والاعتداء : الظلم ، والمعتدي : المشرك والكافر بما جاءه من الشرائع لأنهم اعتدوا على الله بالإشراك ، وعلى رسله بالتكذيب ، واعتدوا على دلائل الحق فلم ينظروا فيها أو لم يعملوا بها .

والأثيم : مبالغة في الآثِم ، أي كثير الإثم .

وصيغة القصر من النفي والاستثناء تفيد قصر صفة التكذيب بيوم الدين على المعتدين الآثمين الزاعمين القرآن أساطير الأولين .

فهو قصر صفة على موصوف وهو قصر حقيقي لأن يوم الدين لا يكذب به إلا غير المتدينين المشركون والوثنيون وأضرابهم ممن جمع الأوصاف الثلاثة ، وأعظمها التكذيب بالقرآن فإن أهل الكتاب والصابئة لا يكذبون بيوم الدين ، وكثير من أهل الشرك لا يكذبون بيوم الدين مثل أصحاب ديانة القبط .

فالذين يكذبون بيوم الدين هم مشركو العرب ومن شابههم مثل الدّهريين فإنهم تحققت فيهم الصفتان الأولى والثانية وهي الاعتداء والإثم وهو ظاهر ، وأما زعم القرآن أساطيرَ الأولين فهو مقالة المشركين من العرب وهم المقصود ابتداء وأما غيرهم ممن لم يؤثر عنهم هذا القول فهم متهيئون لأن يقولوه ، أو يقولوا ما يساويه أو يَؤُول إليه ، لأن من لم يعرض عليهم القرآنُ منهم لو عرض عليه القرآن لكذَّب به تكذيباً يساوي اعتقاد أنه من وضع البشر ، فهؤلاء وإن لم يقولوا القرآن أساطير الأولين فظنهم في القرآن يساوي ظن المشركين فنزلوا منزلة من يقوله .

ولك أن تجعل القصر ادعائياً ولا تلتفت إلى تنزيل من لم يقل ذلك في القرآن . ومعنى الادعاء أن من لم يُؤثَر عنهم القول في القرآن بأنه أساطير الأولين قد جعل تكذيبهم بيوم الدين كَلا تكذيببٍ مبالغة في إبطال تكذيب المشركين بيوم الدين .