يقسم بالسماء المنسقة المحبوكة على أنهم في قول مختلف ، مضطرب لا قوام له ولا قرار ، ولا ثبات له ولا استقرار ، يصرف عنه من صرف ويبقى عليه من بقي ، فلا استقرار عليه ولا توافق ولا ثبات . بل الحيرة دائمة والقلق لا يزال . وكذلك الباطل دائما أرض مرجرجة مهتزة ؛ وتيه لا معالم فيه ولا نور ؛ وهو يتأرجح ولا يفيء إلى أصل ثابت ، ولا ميزان دقيق . ولا يجتمع عليه أهله إلا لينصرفوا ويتفرقوا بعد حين ؛ ويدب الخلاف بينهم والشقاق . .
ويتضح اضطرابهم واختلافهم وما هم فيه من الأمر المريج : حين يعرض في ظل السماء ذات الحبك المنسقة التركيب .
وقوله : إنّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يقول : إنكم أيها الناس لفي قول مختلف في هذا القرآن ، فمن مصدّق به ومكذّب . كما :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة إنّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ قال : مصدّق بهذا القرآن ومكذّب .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إنّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ قال : يتخرّصون يقولون : هذا سحر ، ويقولون : هذا أساطير ، فبأيّ قولهم يؤخذ ، قتل الخرّاصون هذا الرجل ، لا بدّ له من أن يكون فيه أحد هؤلاء ، فما لكم لا تأخذون أحد هؤلاء ، وقد رميتموه بأقاويل شتى ، فبأيّ هذا القول تأخذون ، هذا الرجل الاَن فهو قول مختلف . قال : فذكر أنه تخرّص منهم ليس لهم بذلك علم قالوا : فما منع هذا القرآن أن ينزل باللسان الذي نزلت به الكتب من قبلك ، فقال الله : أعجميّ وعربيّ ؟ لو جعلنا هذا القرآن أعجميا لقلتم نحن عرب وهذا القرآن أأعجميّ ، فكيف يجتمعان .
والقول المختلف : المتناقض الذي يخالف بعضه بعضاً فيقتضي بعضه إبطال بعض الذي هم فيه هو جميع أقوالهم والقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك أقوالهم في دين الإشراك فإنها مختلفة مضطربة متناقضة فقالوا القرآنُ : سِحْرٌ وشعر ، وقالوا { أساطير الأولين اكتتبها } [ الفرقان : 5 ] ، وقالوا { إنْ هذا إلا اختلاق } [ ص : 7 ] ، وقالوا { لو نشاء لقلنا مثل هذا } [ الأنفال : 31 ] وقالوا : مرة { في آذاننا وَقْر ومن بيننا وبينك حجاب } [ فصلت : 5 ] وغير ذلك ، وقالوا : وحي الشياطين .
وقالوا في الرسول صلى الله عليه وسلم أقوالاً : شاعر ، ساحر ، مجنون ، كاهن ، يعلمه بشر ، بعد أن كانوا يلقبونه الأمين .
وقالوا في أصول شركهم بتعدد الآلهة مع اعترافهم بأن الله خالق كل شيء وقالوا : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله } [ الزمر : 3 ] ، { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها } [ الأعراف : 28 ] .
و ( في ) للظرفية المجازية وهي شدة الملابسة الشبيهة بملابسة الظرف للمظروف مثل { ويُمدهم في طغيانهم يعمهون } [ البقرة : 15 ] .
والمقصود بقوله : { إنكم لفي قول مختلف } الكناية عن لازم الاختلاف وهو التردد في الاعتقاد ، ويلزمُه بطلان قولهم وذلك مصبّ التأكيد بالقسم وحرف ( إن ) واللام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.