وقوله : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ } أي : هل بلغك ما أحل الله بهم من البأس ، وأنزل عليهم من النقمة التي لم يردها عنهم أحد ؟ .
وهذا تقرير لقوله : { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } أي : إذا أخذ الظالم أخذه أخذًا أليمًا شديدا ، أخذ عزيز مقتدر .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسِيّ ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تقرأ : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ } فقام يسمع{[29937]} فقال : " نعم ، قد جاءني " {[29938]} .
متصل بقوله : { إن بطش ربك لشديد } [ البروج : 12 ] فالخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم للاستدلال على كون بطشه تعالى شديداً ببطشَيْننِ بَطَشَهُما بفرعون وثمود بعد أن علل ذلك بقوله : { إنه هو يبدىء ويعيد } [ البروج : 13 ] فذلك تعليل ، وهذا تمثيل ودليل .
والاستفهام مستعمل في إرادة لتهويل حديث الجنود بأنه يسأل عن علمه ، وفيه تعريض للمشركين بأنهم قد يحلّ بهم ما حَلّ بأولئك : { وأنه أهلك عاداً الأولى وثمودا فما أبقى } إلى قوله : { فبأي ءآلاء ربك تتمارى } [ النجم : 50 55 ] .
والخطاب لغير معين ممن يراد موعظته من المشركين كناية عن التذكير بخبرهم لأن حال المتلبسين بمثل صنيعهم الراكبين رؤوسهم في العناد ، كحال من لا يعلم خبرهم فيُسْأل هل بلغه خبرهم أوْ لا ، أو خطاباً لغير معيّن تعجيباً من حال المشركين في إعراضهم عن الاتعاظ بذلك فيكون الاستفهام مستعملاً في التعجيب .
والإِتيان : مستعار لبلوغ الخبر ، والحديث : الخبرُ . وتقدم في سورة النازعات .
و { الجنود } : جمع جند وهو العسكر المتجمع للقتال . وأطلق على الأمم التي تجمعت لمقاومة الرسل كقوله تعالى : { جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب } [ ص : 11 ] واستعير الجند للملأ لقوله : { وانطلق الملأ منهم } [ ص : 6 ] ثم رشحت الاستعارة باستعارة مهزوم وهو المغلوب في الحرب فاستعير للمهلك المستأصل من دون حرب .
وأُبدل فرعونَ وثمودَ من الجنود بدلاً مطابقاً لأنه أريد العبرة بهؤلاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.