( والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) . .
وهذه تعني طهارة النفس والجماعة ، فالإسلام يريد مجتمعا طاهرا نظيفا ، وفي الوقت ذاته ناصعا صريحا . مجتمعا تؤدى فيه كل الوظائف الحيوية ، وتلبي فيه كل دوافع الفطرة . ولكن بغير فوضى ترفع الحياء الجميل ، وبغير التواء يقتل الصراحة النظيفة . مجتمعا يقوم على أساس الأسرة الشرعية المتينة القوائم . وعلى البيت العلني الواضح المعالم . مجتمعا يعرف فيه كل طفل أباه ، ولا يخجل من مولده . لا لأن الحياء منزوع من الوجوه والنفوس . ولكن لأن العلاقات الجنسية قائمة على أساس نظيف صريح ، طويل الأمد واضح الأهداف ، يرمي إلى النهوض بواجب إنساني واجتماعي ، لا لمجرد إرضاء النزوة الحيوانية والشهوة الجنسية !
ومن ثم يذكر القرآن هنا من صفات المؤمنين( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) . .
فيقرر نظافة الاتصال بالأزواج وبما ملكت الأيمان - من الإماء حين يوجدن بسبب مشروع - والسبب المشروع الوحيد الذي يعترف به الإسلام هو السبي في قتال في سبيل الله . وهي الحرب الوحيدة التي يقرها الإسلام - والأصل في حكم هذا السبي هو ما ذكرته آية سورة محمد : ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق ، فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها )ولكن قد يتخلف بعض السبي بلا من ولا فداء لملابسات واقعية ؛ فهذا يظل رقيقا إذا كان المعسكر الآخر يسترق أسرى المسلمين في أية صورة من صور الرق - ولو سماه بغير اسمه ! - ويجوز الإسلام وطء الإماء عندئذ من صاحبهن وحده ، ويجعل عتقهن موكولا إلى الوسائل الكثيرة التي شرعها الإسلام لتجفيف هذا المورد . ويقف الإسلام بمبادئه صريحا نظيفا لا يدع هؤلاء الأسيرات لفوضى الاختلاط الجنسي القذر كما يقع لأسيرات الحروب قديما وحديثا ! ولا يتدسس ويلتوي فيسميهن حرات وهن إماء في الحقيقة !
ووصفُهم بأنهم { لفروجهم حافظون } مقابل قوله في تهويل حال المشركين يوم الجزاء بقوله : { ولا يَسْأل حميم حميماً } [ المعارج : 10 ] إذ أخص الأحِمَّاء بالرجل زوجه ، فقصد التعريض بالمشركين بأن هذا الهول خاص بهم بخلاف المسلمين فإنهم هم وأزواجهم يحبرون لأنهم اتقوا الله في العفة عن غير الأزواج ، قال تعالى : { الأخلاَّءُ يومئذٍ بعضهم لبعض عدوّ إلاّ المتقين } [ الزخرف : 67 ] .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره:"وَالّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ "يعني أقبالهم حافظون عن كلّ ما حرّم الله عليهم وضعها فيه إلاّ أنهم غير ملومين في ترك حفظها على "أزْوَاجِهِم أوْ ما مَلَكَتْ أيمَانُهُمْ" من إمائهم. وقيل: "لِفُرُوجِهمْ حافِظُونَ إلاّ على أزْوَاجِهِمْ" ولم يتقدم ذلك جحد لدلالة قوله: "فإنّهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ" على أن في الكلام معنى جحد...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
ذكر حفظ الفرج، ولم يذكر بم يحفظ؟ وحفظه يكون بخصال:
أحدهما: أن يسكن في قلبه جلال الله وهيبته، ويخشى عقابه في المعاد.
والثاني: بما جعله الله عز وجل للتعفف من النكاح وملك اليمين، فيمنعه ذلك عن الزنى وحفظ الفرج.
والثالث: بأن يجيع بطنه بالصيام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يقدر على الباءة فليصم فإن الصوم له وجاء) [البخاري 1905].
والرابع: بما يترك النظر إلى النساء، ولا يخلو بهن، ويدع مجالسة الفجار وأهل الريبة.
جهود الإمام الغزالي في التفسير 505 هـ :
لا تصل إلى حفظ الفرج إلا بحفظ العين عن النظر، وحفظ القلب عن الفكر، وحفظ البطن عن الشبهة وعن الشبع، فإن هذه محركات للشهوة ومغارسها. (بداية الهداية ضمن المجموعة رقم 5 ص: 67)
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما ذكر التحلي بتطهير النفس بالصلاة وتزكية المال بالصدقة، ندب إلى التخلي عن أمر جامع بين تدنيس المال والنفس وهو الزنا الحامل عليه شهوة الفرج التي هي أعظم الشهوات حملاً للنفس على المهلكات، فقال بعد ذكر التخويف بالعذاب إعلاماً بأنه أسرع إلى صاحب هذه القاذورة وقوعاً من الذباب في أحلى الشراب فقال: {والذين هم} أي ببواطنهم الغالبة على ظواهرهم {لفروجهم} أي سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً {حافظون} أي حفظاً ثابتاً دائماً عن كل ما نهى الله عنه.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
(والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون).. وهذه تعني طهارة النفس والجماعة، فالإسلام يريد مجتمعا طاهرا نظيفا، وفي الوقت ذاته ناصعا صريحا. مجتمعا تؤدى فيه كل الوظائف الحيوية، وتلبي فيه كل دوافع الفطرة. ولكن بغير فوضى ترفع الحياء الجميل، وبغير التواء يقتل الصراحة النظيفة. مجتمعا يقوم على أساس الأسرة الشرعية المتينة القوائم. وعلى البيت العلني الواضح المعالم. مجتمعا يعرف فيه كل طفل أباه، ولا يخجل من مولده. لا لأن الحياء منزوع من الوجوه والنفوس. ولكن لأن العلاقات الجنسية قائمة على أساس نظيف صريح، طويل الأمد واضح الأهداف، يرمي إلى النهوض بواجب إنساني واجتماعي، لا لمجرد إرضاء النزوة الحيوانية والشهوة الجنسية! ومن ثم يذكر القرآن هنا من صفات المؤمنين (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون).. فيقرر نظافة الاتصال بالأزواج وبما ملكت الأيمان -من الإماء حين يوجدن بسبب مشروع- والسبب المشروع الوحيد الذي يعترف به الإسلام هو السبي في قتال في سبيل الله. وهي الحرب الوحيدة التي يقرها الإسلام -والأصل في حكم هذا السبي هو ما ذكرته آية سورة محمد: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق، فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها) ولكن قد يتخلف بعض السبي بلا من ولا فداء لملابسات واقعية؛ فهذا يظل رقيقا إذا كان المعسكر الآخر يسترق أسرى المسلمين في أية صورة من صور الرق- ولو سماه بغير اسمه! -ويجوز الإسلام وطء الإماء عندئذ من صاحبهن وحده، ويجعل عتقهن موكولا إلى الوسائل الكثيرة التي شرعها الإسلام لتجفيف هذا المورد. ويقف الإسلام بمبادئه صريحا نظيفا لا يدع هؤلاء الأسيرات لفوضى الاختلاط الجنسي القذر كما يقع لأسيرات الحروب قديما وحديثا! ولا يتدسس ويلتوي فيسميهن حرات وهن إماء في الحقيقة!
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
ووصفُهم بأنهم {لفروجهم حافظون} مقابل قوله في تهويل حال المشركين يوم الجزاء بقوله: {ولا يَسْأل حميم حميماً} [المعارج: 10] إذ أخص الأحِمَّاء بالرجل زوجه، فقصد التعريض بالمشركين بأن هذا الهول خاص بهم بخلاف المسلمين فإنهم هم وأزواجهم يحبرون لأنهم اتقوا الله في العفة عن غير الأزواج، قال تعالى: {الأخلاَّءُ يومئذٍ بعضهم لبعض عدوّ إلاّ المتقين} [الزخرف: 67].
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
القسم الآخر من صفات أهل الجنّة:
في الآيات السابقة ذكرت أربعة أوصاف من الأوصاف الخاصّة بالمؤمنين الصادقين من أهل الجنان، وفي هذه الآيات ذكر لخمسة من الأوصاف الأُخرى فيكون المجموع تسعة أوصاف. في الوصف الأوّل يقول اللّه عزّ وجلّ: (والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنّهم غير ملومين). لا شك في أنّ الغريزة الجنسية من غرائز الإنسان الشديدة والطاغية، والكثير من الجرائم الكبيرة سببها هي هذه الغريزة، ولذا كانت السيطرة على هذه الغريزة وحفظ حدودها من العلامات المهمّة للتقوى، وبهذا ذكرت أهمية السيطرة على هذه الغريزة بعد تبيان أهمية الصلاة وإعانة المحتاجين والإيمان بيوم القيامة والإشفاق من عذاب اللّه. وقد جاء في ذيل الآية استثناء يدلّ على أنّ منطق الإسلام يرفض أن يقف الإنسان موقفاً سلبياً تماماً من هذه الغريزة ويكون كالرهبان والقسيسين يسير بخلاف قانون الخلقة، وهذا العمل غالباً ما يكون محالاً وعلى فرض إمكانه فهو أمرٌ غير منطقي، ولهذا نجد الرهبان من لم يستطيعوا أيضاً حذف هذه الغريزة من حياتهم، وإذا لم يكونوا قد تزوجوا بالطريقة الرسمية فإنّ الكثير منهم ينصرف إلى ارتكاب الفحشاء عند الاختلاء.