تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ لَهُمُ ٱلۡمَنصُورُونَ} (172)

أنهم الغالبون لغيرهم ، المنصورون من ربهم ، نصرا عزيزا ، يتمكنون فيه من إقامة دينهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ لَهُمُ ٱلۡمَنصُورُونَ} (172)

149

وبمناسبة التهديد يقرر وعد الله لرسله بالنصر والغلبة :

( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين . إنهم لهم المنصورون . وإن جندنا لهم الغالبون ) . .

والوعد واقع وكلمة الله قائمة . ولقد استقرت جذور العقيدة في الأرض ؛ وقام بناء الإيمان ، على الرغم من جميع العوائق ، وعلى الرغم من تكذيب المكذبين ، وعلى الرغم من التنكيل بالدعاة والمتبعين . ولقد ذهبت عقائد المشركين والكفار . وذهبت سطوتهم ودولتهم ؛ وبقيت العقائد التي جاء بها الرسل . تسيطر على قلوب الناس وعقولهم ، وتكيف تصوراتهم وأفهامهم . وما تزال على الرغم من كل شيء هي أظهر وأبقى ما يسيطر على البشر في أنحاء الأرض . وكل المحاولات التي بذلت لمحو العقائد الإلهية التي جاء بها الرسل ، وتغليب أية فكرة أو فلسفة أخرى قد باءت بالفشل . باءت بالفشل حتى في الأرض التي نبعث منها . وحقت كلمة الله لعباده المرسلين . إنهم لهم المنصورون وإن جنده لهم الغالبون .

هذه بصفة عامة . وهي ظاهرة ملحوظة . في جميع بقاع الأرض . في جميع العصور .

وهي كذلك متحققة في كل دعوة لله . يخلص فيها الجند ، ويتجرد لها الدعاة . إنها غالبة منصورة مهما وضعت في سبيلها العوائق ، وقامت في طريقها العراقيل . ومهما رصد لها الباطل من قوى الحديد والنار ، وقوى الدعاية والافتراء ، وقوى الحرب والمقاومة ، وإن هي إلا معارك تختلف نتائجها . ثم تنتهي إلى الوعد الذي وعده الله لرسله . والذي لا يخلف ولو قامت قوى الأرض كلها في طريقه . الوعد بالنصر والغلبة والتمكين .

هذا الوعد سنة من سنن الله الكونية . سنة ماضية كما تمضي هذه الكواكب والنجوم في دوراتها المنتظمة ؛ وكما يتعاقب الليل والنهار في الأرض على مدار الزمان ؛ وكما تنبثق الحياة في الأرض الميتة ينزل عليها الماء . . ولكنها مرهونة بتقدير الله ، يحققها حين يشاء . ولقد تبطىء آثارها الظاهرة بالقياس إلى أعمار البشر المحدودة . ولكنها لا تخلف أبداً ولا تتخلف وقد تتحقق في صورة لا يدركها البشر لأنهم يطلبون المألوف من صور النصر والغلبة ، ولا يدركون تحقق السنة في صورة جديدة إلا بعد حين !

ولقد يريد البشر صورة معينة من صور النصر والغلبة لجند الله وأتباع رسله . ويريد الله صورة أخرى أكمل وأبقى . فيكون ما يريده الله . ولو تكلف الجند من المشقة وطول الأمد أكثر مما كانوا ينتظرون . . ولقد أراد المسلمون قبيل غزوة بدر أن تكون لهم عير قريش وأراد الله أن تفوتهم القافلة الرابحة الهينة ؛ وأن يقابلوا النفير وأن يقاتلوا الطائفة ذات الشوكة . وكان ما أراده الله هو الخير لهم وللإسلام . وكان هو النصر الذي أراده الله لرسوله وجنده ودعوته على مدى الأيام .

ولقد يهزم جنود الله في معركة من المعارك ، وتدور عليهم الدائرة ، ويقسو عليهم الابتلاء ؛ لأن الله يعدهم للنصر في معركة أكبر . ولأن الله يهيىء الظروف من حولهم ليؤتي النصر يومئذ ثماره في مجال أوسع ، وفي خط أطول ، وفي أثر أدوم .

لقد سبقت كلمة الله ، ومضت إرادته بوعده ، وثبتت سنته لا تتخلف ولا تحيد :

( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ لَهُمُ ٱلۡمَنصُورُونَ} (172)

{ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ } أي : في الدنيا والآخرة . كما تقدم بيان نصرتهم على قومهم ممن كذبهم وخالفهم ، وكيف أهلك الله الكافرين ، ونجى عباده المؤمنين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ لَهُمُ ٱلۡمَنصُورُونَ} (172)

وقوله : ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعبادِنا المُرْسَلِينَ إنّهُمْ لَهُمُ المَنْصُورُونَ ) : يقول تعالى ذكره : ولقد سبق منا القول لرسلنا إنهم لهم المنصورون : أي مضى بهذا منا القضاء والحكم في أمّ الكتاب ، وهو أنهم النّصرة والغَلبة بالحجج ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لعبادِنا المُرْسَلِينَ حتى بلغ : لَهُمُ الغالِبُونَ ) : قال : سبق هذا من الله لهم أن ينصرهم .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لعِبادِنا المُرْسَلِينَ إنّهُمْ لَهُمُ المَنْصُورُونَ ) : يقول : بالحجج .

وكان بعض أهل العربية يتأوّل ذلك : ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين بالسعادة . وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله : «وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا على عبادِنا المُرْسَلِينَ » فجعلت على مكان اللام ، فكأن المعنى : حقت عليهم ولهم ، كما قيل : على مُلك سليمان ، وفي مُلك سليمان ، إذ كان معنى ذلك واحدا .