فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّهُمۡ لَهُمُ ٱلۡمَنصُورُونَ} (172)

وجملة { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المرسلين } مستأنفة مقرّرة للوعيد ، والمراد بالكلمة : ما وعدهم الله به من النصر ، والظفر على الكفار . قال مقاتل : عنى بالكلمة : قوله سبحانه : { كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى } [ المجادلة : 21 ] وقال الفراء : سبقت كلمتنا بالسعادة لهم ، والأولى تفسير هذه الكلمة بما هو مذكور هنا . فإنه قال : { إِنَّهُمْ لَهُمُ المنصورون * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون } فهذه هي الكلمة المذكورة سابقاً ، وهذا تفسير لها ، والمراد بجند الله : حزبه ، وهم الرسل ، وأتباعهم . قال الشيباني : جاء هنا على الجمع : يعني : قوله { لَهُمُ الغالبون } من أجل أنه رأس آية ، وهذا الوعد لهم بالنصر ، والغلبة لا ينافيه انهزامهم في بعض المواطن ، وغلبة الكفار لهم ، فإن الغالب في كل موطن هو : انتصارهم على الأعداء ، وغلبتهم لهم ، فخرج الكلام مخرج الغالب ، على أن العاقبة المحمودة لهم على كل حال ، وفي كل موطن كما قال سبحانه : { والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ } [ القصص : 83 ] .

/خ182