ولما كان الصبر يساعده القيام بعبادة الله{[1315]} ، والإكثار من ذكره أمره الله بذلك فقال : { وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } أي : أول النهار وآخره ، فدخل في ذلك ، الصلوات المكتوبات وما يتبعها من النوافل ، والذكر ، والتسبيح ، والتهليل ، والتكبير في هذه الأوقات .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَاذْكُرِ اسْمَ رَبّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * وَمِنَ اللّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً * إِنّ هََؤُلاَءِ يُحِبّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً } .
يقول تعالى ذكره : وَاذْكُرْ يا محمد اسْمَ رَبّكَ فادعه به بكرة في صلاة الصبح ، وعشيا في صلاة الظهر والعصر وَمِنَ اللّيْلِ فاسْجُدْ لَهُ يقول : ومن الليل فاسجد له في صلاتك ، فسبحه ليلاً طويلاً ، يعني : أكثر الليل ، كما قال جلّ ثناؤه : قُمِ اللّيْلَ إلاّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أو زِدْ عَلَيْهِ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَمِنَ اللّيْلِ فاسْجُدْ لَهُ وَسَبّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً يعني : الصلاة والتسبيح .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَاذْكُرْ اسْمَ رَبّكَ بُكْرَةً وَأصِيلاً قال : بكرة : صلاة الصبح وأصيلاً صلاة الظهر الأصيل .
أي أقْبِلْ على شأنك من الدعوة إلى الله وذِكر الله بأنواع الذكر . وهذا إرشاد إلى ما فيه عون له على الصبر على ما يقولون .
والمراد بالبُكرة والأصيل استغراق أوقات النهار ، أي لا يصدك إعراضهم عن معاودة الدعوة وتكريرها طرفي النهار . ويدخل في ذكر الله الصلوات مثل قوله { وأقم الصلاة طرفي النهار وزُلَفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } [ هود : 114 ، 115 ] . وكذلك النوافل التي هي من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم بين مفروض منها وغير مفروض . فالأمر في قوله : { واذكر } مستعمل في مطلق الطلب من وجوب ونفل .
وذِكر اسم الرب يشمل تبليغ الدعوة ويشمل عبادة الله في الصلوات المفروضة والنوافل ويشمل الموعظة بتخويف عقابه ورجاء ثوابه .
وقوله : { بكرة وأصيلا } يشمل أوقاتَ النهار كلها المحدودَ منها كأوقات الصلوات وغيرَ المحدود كأوقات النوافل ، والدعاء والاستغفارِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.