{ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ } فلهذا أتى بما أتى به ، من توحيد الله ، وإثبات المعاد { فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ } أي : ارفعوا عنه العقوبة بالقتل وغيره ، احتراما له ، ولأنه مجنون غير مؤاخذ بما يتكلم به ، أي : فلم يبق بزعمهم الباطل مجادلة معه ، لصحة ما جاء به ، فإنهم قد عرفوا بطلانه ، وإنما بقي الكلام ، هل يوقعون به أم لا ؟ ، فبزعمهم أن عقولهم الرزينة ، اقتضت الإبقاء عليه ، وترك الإيقاع به ، مع قيام الموجب ، فهل فوق هذا العناد والكفر غاية ؟ "
ثم أضافوا إلى إنكارهم هذا للدار الآخرة ، تكاولاً على نبيهم ، واتهاماً له بما هو برىء منه ، فقالوا : { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افترى على الله كَذِباً . . . } أى ؛ ما هذا النبى الذى أمركم بترك عبادة آلهتكم ، وأخبركم بأن هناك بعثاً وحساباً ، إلا رجل اختلق على الله الكذب فيما يقوله ويدعو إليه { وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ } فى يوم من الأيام ، فكونوا مثلنا - أيها الناس - فى عدم الإيمان به ، وفى الانصراف عنه .
وهكذا يصور لنا القرآن الكريم بأسلوبه البليغ ، موقف الطغاة من دعوة الحق ، وكيف أنهم لا يكتفون بالانصراف عنها وحدهم ، بل يؤلبون غيرهم بكل وسيلة على الانقياد لهم ، وعلى محاربة من جاء بهذه الدعوة بمختلف السبل وشتى الطرق .
ثم إنهم لا يقفون عند هذه الجهالة ، والغفلة عن تدبر حكمة الحياة التي تكشف عنها أطوارها الأولى . . لا يقفون عند هذه الجهالة ، إنما هم يتهمون رسولهم بالافتراء على الله اطوارها . ولا يعرفون الله إلا في هذه اللحظة ، ولهذا الغرض من اتهام الرسول :
( إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا ، وما نحن له بمؤمنين ) . .
{ إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } أي : فيما جاءكم{[2]} به من الرسالة والنذارة والإخبار بالمعاد . { وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ افتَرَىَ عَلَىَ اللّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ * قَالَ رَبّ انْصُرْنِي بِمَا كَذّبُونِ * قَالَ عَمّا قَلِيلٍ لّيُصْبِحُنّ نَادِمِينَ } .
يقول تعالى ذكره : قالوا ما صالح إلا رجل اختلق على الله كذبا في قوله ما لكم من إله غير الله وفي وعده إياكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مُخْرجون . وقوله : هُوَ من ذكر الرسول ، وهو صالح . وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ يقول : وما نحن له بمصدّقين فيما يقول أنه لا إله لنا غير الله ، وفيما يعدنا من البعث بعد الممات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.