وقوله : هَذَا يَوْمُ الفَصْلِ جَمَعْناكُمْ والأوّلِينَ يقول تعالى ذكره لهؤلاء المكذّبين بالبعث يوم يبعثون : هذا يوم الفصل الذي يَفْصل الله فيه بالحقّ بين عباده جَمَعْناكُمْ والأوّلِينَ يقول : جمعناكم فيه لموعدكم الذي كنا نعدكم في الدنيا الجمع فيه بينكم وبين سائر من كان قبلكم من الأمم الهالكة ، فقد وفّينا لكم بذلك فإنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ يقول : والله منجز لكم ما وعدكم في الدنيا من العقاب على تكذيبكم إياه بأنكم مبعوثون لهذا اليوم إن كانت لكم حيلة تحتالونها في التخلص من عقابه اليوم فاحتالوا .
تكرير لتوبيخهم بعد جملة { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون } [ المرسلات : 29 ] شُيع به القول الصادر بطردهم وتحقيرهم ، فإن المطرود يشيّع بالتوبيخ ، فهو مما يقال لهم يومئذٍ ، ولم تعطف بالواو لأنها وقعت موقع التذييل للطرد ، وذلك من مقتضيات الفصل سواء كان التكرير بإعادة اللفظ والمعنى ، أم كان بإعادة المعنى والغرض .
والإشارة إلى المشهد الذي يشاهدونه من حضور الناس ومُعَدات العرض والحساب لفصل القضاء بالجزاء .
والإِخبار عن اسم الإِشارة بأنه { يوم الفصل } باعتبار أنهم يتصورون ما كانوا يسمعون في الدنيا من محاجّة عليهم لإِثبات يوم يكون فيه الفصل وكانوا ينكرون ذلك اليومَ وما يتعذرون بما يقع فيه ، فصارت صورة ذلك اليوم حاضرة في تصورهم دون إيمانهم به ، فكانوا الآن متهيئين لأن يوقنوا بأن هذا هو اليوم الذي كانوا يوعدون بحلوله ، وقد عُرِف ذلك اليوم من قبل بأنه يوم الفصل [ المرسلات : 13 ] ، أي القضاء وقد رأوا أهبة القضاء .
وجملة { جمعناكم والأولين } بيان للفصل بأنه الفصل في الناس كلهم لجزاء المحسنين والمسيئين كلهم ، فلا جرم جُمع في ذلك اليوم الأولون والآخرون قال تعالى : { قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم } [ الواقعة : 49 ، 50 ] .
والمخاطبون بضمير { جمعناكم } : المشركون الذين سبق الكلام لتهديدهم وهم المكذبون بالقرآن ، لأن عطف { والأولين } على الضمير يمنع من أن يكون الضمير لجميع المكذبين مثل الضمائر التي قبله ، لأن الأولين من جملة المكذبين فلا يقال لهم : { جمعناكم والأولين } ، فتعين أن يختص بالمكذبين بالقرآن .
والمعنى : جمعناكم والسابقين قبلكم من المكذبين .
وقد أنذروا بما حلّ بالأولين أمثالهم من عذاب الدنيا في قوله : { ألم نهلك الأولين } [ المرسلات : 16 ] . فأريد توقيفهم يومئذٍ على صدق ما كانوا يُنذرون به في الحياة الدنيا من مصيرهم إلى ما صار إليه أمثالهم ، فلذلك لم يتعلق الغرض يومئذٍ بذكر الأمم التي جاءت من بعدهم .
وباعتبار هذا الضمير فرع عليه قوله : { فإن كان لكم كيْد فكيدون } فكان تخلّصاً إلى توبيخ الحاضرين على ما يكيدون به للرسول صلى الله عليه وسلم وللمسلمين قال تعالى : { إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً فمَهِّل الكافرين أمهلهم رويداً } [ الطارق : 15 17 ] وأن كيدهم زائل وأن سوء العقبى عليهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.