يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : أما من استغنى بماله ، فأنت له تتعرّض ، رجاء أن يُسلِم .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان أمّا مَنِ اسْتَغْنَى فأنْتَ لَهُ تَصَدّى قال : نزلت في العباس .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : أمّا مَنِ اسْتَغْنَى قال : عتبة بن ربيعة وشبية بن ربيعة وَما عَلَيْكَ ألاّ يَزّكّى يقول : وأيّ شيء عليك أن لا يتطهّر من كفره فيُسلم ؟ وأمّا مَنْ جاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى يقول : وأما هذا الأعمى الذي جاءك سعيا ، وهو يخشى الله ويتقيه ، فأنْتَ عَنْهُ تَلَهّى يقول : فأنت عنه تُعْرِض ، وَتَشاغَلُ عنه بغيره وتَغَافَل .
عطف على جملة { أما من استغنى } [ عبس : 5 ] اقتضى ذكره قصد المقابلة مع المعطوف عليها مقابلة الضدين إتماماً للتقسيم . والمراد : بمن جاء يسعى : هو ابن أم مكتوم ، فحصل بمضمون هذه الجملة تأكيد لمضمون { عبس وتولى أن جاءه الأعمى } [ عبس : 1 2 ] .
والسعي : شدة المشي ، كُنِي به عن الحرص على اللقاء فهو مقابل لحال من استغنى لأن استغناءه استغناء المُمْتَعِض من التصدّي له .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
"وأمّا مَنْ جاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى" يقول: وأما هذا الأعمى الذي جاءك سعيا، وهو يخشى الله ويتقيه، "فأنْتَ عَنْهُ تَلَهّى" يقول: فأنت عنه تُعْرِض، وَتَشاغَلُ عنه بغيره وتَغَافَل.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
فجائز أن تكون الخشية علة للسعي، فيكون معناه: أن خشيته هي التي حملته إلى السعي...
أو أن يكون ابتداء: فقوله: {جاءك يسعى} {وهو يخشى} الله تعالى، ويخاف التبعة وحلول النقمة...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
يعني عبدالله بن أم مكتوم جاء إلى النبي صلى الله عليه اله، وهو يخشى معصية الله والكفر، والخشية: هي الحذر من مواقعة المعصية خوفا من عقاب الله تعالى...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
فأنت عنه تَتَلَهَّى، وتتشاغل... وهذا كله مِنْ قبيلِ العتاب معه لأَجْلِ الفقراء...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ثم قال مبالغاً في العتب: {وأما من جاءك يسعى} أي يمشي، وقيل المعنى: {يسعى} في شؤونه وأمر دينه وتقربه منك...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
يقصدك ويؤمك ليهتدي بما تقول له...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما ذكر المستغني، ذكر مقابله فقال: {وأما من جاءك} حال كونه {يسعى} أي مسرعاً رغبة فيما عندك من الخير المذكور بالله وهو فقير...
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
فإقبالك على من جاء بنفسه مفتقرا لذلك منك، هو الأليق الواجب،...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
عطف على جملة {أما من استغنى} [عبس: 5] اقتضى ذكره قصد المقابلة مع المعطوف عليها مقابلة الضدين إتماماً للتقسيم. والمراد: بمن جاء يسعى: هو ابن أم مكتوم، فحصل بمضمون هذه الجملة تأكيد لمضمون {عبس وتولى أن جاءه الأعمى} [عبس: 1 2]. والسعي: شدة المشي، كُنِي به عن الحرص على اللقاء فهو مقابل لحال من استغنى لأن استغناءه استغناء المُمْتَعِض من التصدّي له...
التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :
إشارة إلى ابن أم مكتوم ومن كان في معناه من المؤمنين، الذين يرغبون في الحق ويقبلون عليه، فالله تعالى يحض رسوله – وعن طريقه يحض كافة المسلمين- على الاهتمام بطلاب الحق وتلبية رغبتهم، والأخذ بيدهم في طريق الهداية والإرشاد والتعبير "بالتلهّي " هنا إشارة إلى استغراق رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه مع وفد قريش حول الدعوة الإسلامية، وكأن في هذا التعبير تلميحا إلى أن الله قد اطلع على قلوب ذلك الوفد القرشي، وعلم أن الدعوة لا تثمر فيهم ولا تجدي، رغما عما بذله الرسول عليه السلام من جهد بالغ في سبيل إقناعهم...
إذن فالدرس الذي ينبغي أن نتعلمه من توجيه السماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف هو أن الجندي المقبل على الدعوة هو فقط الذي يستحق أن يستقطب دون غيره، والذي يجب إمداده حتى يكوّن خلية إيمانية قوية تستطيع أن تكون أسوة سلوكية ترغّب غيرها في الإسلام وتحببهم فيه، بعكس أولئك الذين امتلأوا بالعنهجية والكبر فإنهم هم المتضررون.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.