معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كِرَامِۭ بَرَرَةٖ} (16)

ثم أثنى عليهم فقال :{ كرام بررة } أي : كرام على الله ، بررة مطيعين ، جمع بار .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كِرَامِۭ بَرَرَةٖ} (16)

{ كِرَامٍ } أي : كثيري الخير والبركة ، { بَرَرَةٍ } قلوبهم وأعمالهم .

وذلك كله حفظ من الله لكتابه ، أن جعل السفراء فيه إلى الرسل الملائكة الكرام الأقوياء الأتقياء ، ولم يجعل للشياطين عليه سبيلا ، وهذا مما يوجب الإيمان به وتلقيه بالقبول ، ولكن مع هذا أبى الإنسان إلا كفورا ، ولهذا قال تعالى : { قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كِرَامِۭ بَرَرَةٖ} (16)

{ كِرَامٍ بَرَرَةٍ } أى : هذه الآيات بأيدى سفرة من صفاتهم أنهم مكرمون ومعظمون عنده - تعالى - ، وأنهم أتقياء مطيعون الله - تعالى - كل الطاعة ، جمع بَرّ ، وهو من كان كثير الطاعة والخشوع لله - عز وجل - . .

هذا والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة يراها قد اشتملت على كثير من الآداب والأحكام ، ومن ذلك : أن شريعة الله - تعالى - تجعل التفاضل بين الناس ، أساسه الإِيمان والتقوى ، فمع أن عبد الله ابن أم مكتوم ، كان قد قاطع الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتشاغل عنه إلا لحرصه على جذب هؤلاء الزعماء إلى الإِسلام .

مع كل ذلك ، وجدنا الآيات الكريمة ، تعاتب النبى صلى الله عليه وسلم عتابا تارة فيه رقة . وتارة فيه شدة . وذلك لأن الميزان الذى أنزله الله - تعالى - للناس مع الرسل ، لكى يبنوا عليه حياتهم ، هو : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أَتْقَاكُمْ } ولقد استجاب الرسول الكريم لهذا التوجيه الحكيم ، فبنى حياته كلها بعد ذلك على هذا الميزان العادل ، ومن مظاهر ذلك : إكرامه لابن أم مكتوم ، وقوله له كلما رآه : " أهلا بمن عاتبنى فيه ربى " .

وفعل صلى الله عليه وسلم ما يشبه ذفلك ، مع جميع المؤمنين الصادقين الذين كانوا من فقراء المسلمين ، ولم يكونوا أصحاب جاه أن نفوذ أو عشيرة قوية .

لقد جعل زيد بن حارثة - وهو الغريب عن مكة والمدينة ، أميرا على الجيش الإِسلامى فى غزوة مؤتة ، وكان فى هذا الجيش عدد كبير من كبار الصحابة .

وقال صلى الله عليه وسلم فى شأن سلمان الفارسى : " سلمان منا أهل البيت " .

وقال صلى الله عليه وسلم فى شأن عمار بن ياسر ، عندما استأذن عليه فى الدخول : " ائذنوا له . مرحبا بالطيب المطيب " .

وكان من مظاهر تكريمه لعبد الله بن مسعود ، أن جعله كأنه واحد من أهله بيته .

فعن أبى موسى الأشعرى قال : قدمت أنا وأخى من اليمن ، فمكثنا حينا وما نرى ابن مسعود وأمه إلا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثرة دخولهم على رسول الله ، ولزومهم له . .

وقال صلى الله عليه وسلم لأبى بكر الصديق عندما حدث كلام بينه وبين سلمان وصهيب وبلال فى شأن أبى سفيان : يا أبا بكر لعلك أغضبتهم ، لئن كنت أغضبتهم فقد أغضبت ربك .

فقد أخرج الإِمام مسلم فى صحيحه . . " أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال فى نفر ، فقالوا : ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها ، فقال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم ؟

فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبر فقال : " يا أبا بكر لعلك أغضبتهم . لئن كنت أغضبتهم فقد أغضب ربك " فأتاهم فقال : يا إخوتاه أأغضبتكم ؟ قالوا : لا . ويغفر الله لك يا أخى . . "

ولقد سار خلفاؤه صلى الله عليه وسلم على هذه السنة ، فكانوا يكرمون الفقراء ، فأبوا بكر - رضى الله عنه - أذن لصهيب وبلال فى الدخول عليه ، قبل أن يأذن لأبى سفيان وسهيل بن عمرو . .

وعمر - رضى الله عنه - يقول فى شأن أبى بكر : " هو سيدنا وأعتق سيدنا " يعنى : بلال ابن رباح . .

قال صاحب الكشاف عند تفسيره ، لهذه الآيات : ولقد تأدب الناس بأدب الله فى هذا تأدبا حسنا ، فقد روى عن سفيان الثورى - رحمه الله - ، أن الفقراء كانوا فى مجلسه أمراء . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كِرَامِۭ بَرَرَةٖ} (16)

وقوله : كِرَامٍ بَرَرَةٍ والبَرَرة : جمع بارّ ، كما الكَفَرة جمع كافر ، والسّحَرة جمع ساحر ، غير أن المعروف من كلام العرب إذا نطقوا بواحدة أن يقولوا : رجل بَرّ ، وامرأة برّة ، وإذا جمعوا ردّوه إلى جمع فاعل ، كما قالوا : رجل سَرِيّ ، ثم قالوا في جمعه : قوم سَراة ، وكان القياس في واحده أن يكون ساريا . وقد حُكي سماعا من بعض العرب : قوم خِيَرَة بَرَرَة ، وواحد الخَيرة : خَيْر ، والبَرَرَة : برّ .