معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَذَكِّرۡ فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (55)

قوله تعالى : { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } فطابت أنفسهم . قال مقاتل : معناه عظ بالقرآن كفار مكة ، فإن الذكرى تنفع من في علم الله أنه يؤمن منهم . وقال الكلبي : عظ بالقرآن من آمن من قومك فإن الذكرى تنفعهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَذَكِّرۡ فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (55)

{ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } والتذكير نوعان : تذكير بما لم يعرف تفصيله ، مما عرف مجمله بالفطر والعقول{[864]}  فإن الله فطر العقول على محبة الخير وإيثاره ، وكراهة الشر والزهد فيه ، وشرعه موافق لذلك ، فكل أمر ونهي من الشرع ، فإنه من التذكير ، وتمام التذكير ، أن يذكر ما في المأمور به ، من الخير والحسن والمصالح ، وما في المنهي عنه ، من المضار .

والنوع الثاني من التذكير : تذكير بما هو{[865]}  معلوم للمؤمنين ، ولكن انسحبت عليه الغفلة والذهول ، فيذكرون بذلك ، ويكرر عليهم ليرسخ في أذهانهم ، وينتبهوا ويعملوا بما تذكروه ، من ذلك ، وليحدث لهم نشاطًا وهمة ، توجب لهم الانتفاع والارتفاع .

وأخبر الله أن الذكرى تنفع المؤمنين ، لأن ما معهم من الإيمان والخشية والإنابة ، واتباع رضوان الله ، يوجب لهم أن تنفع فيهم الذكرى ، وتقع الموعظة منهم موقعها كما قال تعالى : { فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى }

وأما من ليس له معه إيمان ولا استعداد لقبول التذكير ، فهذا لا ينفع تذكيره ، بمنزلة الأرض السبخة ، التي لا يفيدها المطر شيئًا ، وهؤلاء الصنف ، لو جاءتهم كل آية ، لم يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم .


[864]:- كذا في ب، وفي أ: مما عرف بالفطر والعقول مجمله.
[865]:- كذا في ب، وفي أ: ما.