التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا يُكَذِّبُ بِهِۦٓ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

{ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ } أى : بيوم الدين { إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } أى : وما يكذب بهذا اليوم إلا كل إنسان متجاوز الحدود المشروعة ، ومبالغ فى ارتكاب الآثام والقبائح .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا يُكَذِّبُ بِهِۦٓ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

وما يكذب به إلا كل معتد متجاوز عن النظر غال في التقليد حتى استقصر قدرة الله تعالى وعلمه فاستحال منه الإعادة أثيم منهمك في الشهوات المخدجة بحيث أشغلته عما وراءها وحملته على الإتقان لما عداه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا يُكَذِّبُ بِهِۦٓ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

و «المعتدي » : الذي يتجاوز حدود الأشياء ، و «الأثيم » : بناء مبالغة في آثم

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا يُكَذِّبُ بِهِۦٓ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ} (12)

فالتكذيب بيوم الجزاء هو منشأ الإقدام على السيئات والجرائم ، ولذلك أعقبه بقوله : { وما يكذب به إلا كل معتدٍ أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين } أي أن تكذيبهم به جهل بحكمة الله تعالى في خلق الناس وتكليفهم إذ الحكمة من خلق الناس تقتضي تحسين أعمالهم وحفظ نظامهم . فلذلك جاءتهم الشرائع آمرة بالصلاح وناهية عن الفساد . ورتب لهم الجزاء على أعمالهم الصالحة بالثواب والكرامة ، وعلى أعمالهم السيئة بالعذاب والإهانة . كل على حسب عمله : فلو أهمل الخالق تقويم مخلوقاته وأهمل جزاء الصالحين والمفسدين ، لم يكن ذلك من حكمة الخلق قال تعالى : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى اللَّه الملك الحق } [ المؤمنون : 115 ، 116 ] .

وقد ذكر للمكذبين بيوم الدين ثلاثة أوصاف وهي : معتد ، أثيم ، يقول إن الآيات أساطير الأولين .

والاعتداء : الظلم ، والمعتدي : المشرك والكافر بما جاءه من الشرائع لأنهم اعتدوا على الله بالإشراك ، وعلى رسله بالتكذيب ، واعتدوا على دلائل الحق فلم ينظروا فيها أو لم يعملوا بها .

والأثيم : مبالغة في الآثِم ، أي كثير الإثم .

وصيغة القصر من النفي والاستثناء تفيد قصر صفة التكذيب بيوم الدين على المعتدين الآثمين الزاعمين القرآن أساطير الأولين .

فهو قصر صفة على موصوف وهو قصر حقيقي لأن يوم الدين لا يكذب به إلا غير المتدينين المشركون والوثنيون وأضرابهم ممن جمع الأوصاف الثلاثة ، وأعظمها التكذيب بالقرآن فإن أهل الكتاب والصابئة لا يكذبون بيوم الدين ، وكثير من أهل الشرك لا يكذبون بيوم الدين مثل أصحاب ديانة القبط .

فالذين يكذبون بيوم الدين هم مشركو العرب ومن شابههم مثل الدّهريين فإنهم تحققت فيهم الصفتان الأولى والثانية وهي الاعتداء والإثم وهو ظاهر ، وأما زعم القرآن أساطيرَ الأولين فهو مقالة المشركين من العرب وهم المقصود ابتداء وأما غيرهم ممن لم يؤثر عنهم هذا القول فهم متهيئون لأن يقولوه ، أو يقولوا ما يساويه أو يَؤُول إليه ، لأن من لم يعرض عليهم القرآنُ منهم لو عرض عليه القرآن لكذَّب به تكذيباً يساوي اعتقاد أنه من وضع البشر ، فهؤلاء وإن لم يقولوا القرآن أساطير الأولين فظنهم في القرآن يساوي ظن المشركين فنزلوا منزلة من يقوله .

ولك أن تجعل القصر ادعائياً ولا تلتفت إلى تنزيل من لم يقل ذلك في القرآن . ومعنى الادعاء أن من لم يُؤثَر عنهم القول في القرآن بأنه أساطير الأولين قد جعل تكذيبهم بيوم الدين كَلا تكذيببٍ مبالغة في إبطال تكذيب المشركين بيوم الدين .