معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثُمَّ يَطۡمَعُ أَنۡ أَزِيدَ} (15)

{ ثم يطمع } يرجو ، { أن أزيد } أي أن أزيده مالاً وولداً ، وتمهيداً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ يَطۡمَعُ أَنۡ أَزِيدَ} (15)

وقوله - سبحانه - : { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } بيان لما جبل عليه هذا الإِنسان من طمع وشره . . أى : مع إمدادى له بكل هذه النعم ، هو لا يشبع ، بل يطلب المزيد منها لشدة حرصه وطمعه . و " ثم " هنا للاستبعاد والاستنكار والتأنيب ، فهى للتراخى الرتبى ، والجملة معطوفة على قوله - قبل ذلك : " وجعلت ومهدت . . " أى : أعطيته كل هذه النعم ، ثم بعد ذلك هو شره لا يشبع ، وإنما يطلب المزيد منها ثم المزيد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ يَطۡمَعُ أَنۡ أَزِيدَ} (15)

11

( ذرني ومن خلقت وحيدا ) . .

والخطاب للرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ومعناه خل بيني وبين هذا الذي خلقته وحيدا مجردا من كل شيء آخر مما يعتز به من مال كثير ممدود وبنين حاضرين شهود ونعم يتبطر بها ويختال ويطلب المزيد . خل بيني وبينه ولا تشغل بالك بمكره وكيده . فأنا سأتولى حربه . . وهنا يرتعش الحس ارتعاشة الفزع المزلزل ؛ وهو يتصور انطلاق القوة التي لا حد لها . . قوة الجبار القهار . . لتسحق هذا المخلوق المضعوف المسكين الهزيل الضئيل ! وهي الرعشة التي يطلقها النص القرآني في قلب القارئ والسامع الآمنين منها . فما بال الذي تتجه إليه وتواجهه !

ويطيل النص في وصف حال هذا المخلوق ، وما آتاه الله من نعمه وآلائه ، قبل أن يذكر إعراضه وعناده . فهو قد خلقه وحيدا مجردا من كل شيء حتى من ثيابه ! ثم جعل له مالا كثيرا ممدودا . ورزقه بنين من حوله حاضرين شهودا ، فهو منهم في أنس وعزوة . ومهد له الحياة تمهيدا ويسرها له تيسيرا . . ( ثم يطمع أن أزيد ) . . فهو لا يقنع بما أوتي ، ولا يشكر ويكتفي . . أم لعله يطمع في أن ينزل عليه الوحي وأن يعطى كتابا كما سيجيء في آخر السورة : ( بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة ) . . فقد كان ممن يحسدون الرسول[ صلى الله عليه وسلم ] على إعطائه النبوة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ يَطۡمَعُ أَنۡ أَزِيدَ} (15)

{ ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا } أي : معاندا ، وهو الكفر على نعمه بعد العلم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ثُمَّ يَطۡمَعُ أَنۡ أَزِيدَ} (15)

وقوله : ثُمّ يَطْمَعُ أنْ أزِيدَ يقول تعالى ذكره : ثم يأمل ويرجو أن أزيده من المال والولد على ما أعطيته كَلاّ يقول : ليس ذلك كما يأمل ويرجو من أن أزيده مالاً وولدا ، وتمهيدا في الدنيا إنّهُ كانَ لاَياتِنا عَنِيدا يقول : إن هذا الذي خلقته وحيدا كان لاَياتنا ، وهي حجج الله على خلقه من الكتب والرسل عنيدا ، يعني معاندا للحقّ مجانبا له ، كالبعير العنود ومنه قول القائل :

إذَا نَزَلْتُ فاجْعَلانِي وَسَطا *** إنّي كَبِيرٌ لا أُطِيقُ العُنّدَا

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : إنّهُ كانَ لاَياتِنا عَنيدا قال : جحودا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : إنّهُ كانَ لاَياتِنا عَنِيدا قال محمد بن عمرو : معاندا لها . وقال الحارث : معاندا عنها ، مجانبا لها .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن مجاهد ، قوله عَنِيدا قال : معاندا للحقّ مجانبا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة إنّهُ كانَ لاَياتِنا عَنِيدا كفورا بآيات الله جحودا بها .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان لاَياتِنا عنِيدا قال : مشاقا ، وقيل : عنيدا ، وهو من عاند معاندة فهو معاند ، كما قيل : عام قابل ، وإنما هو مقبل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثُمَّ يَطۡمَعُ أَنۡ أَزِيدَ} (15)

و { ثم } في قوله : { ثم يطمع } للتراخي الرتبي ، أي وأعظم من ذلك أنه يطمع في الزيادة من تلك النعم وذلك بما يعرف من يُسر أموره . وهذا مشعر باستبعاد حصول المطموع فيه وقد صرح به في قوله : { كلا .

والطمع : طلب الشيء العظيم وجعل متعلق طَمعه زيادة مما جعل الله له لأنهم لم يكونوا يسندون الرزق إلى الأصنام ، أو لأنّه طمع في زيادة النعمة غير متذكر أنها من عند الله فيكون إسناد الزيادة إلى ضمير الجلالة إدماجاً بتذكيره بأن ما طمع فيه هو من عند الذي كفر هو بنعمته فأشرك به غيره في العبادة .

ولهذه النكتة عُدِل عن أن يقال : يطمع في الزيادة ، أو يطمع أن يُزاد .

وكلاّ } ردع وإبطال لطمعه في الزيادة من النّعم وقطع لرجائه .

والمقصود إبلاغ هذا إليه مع تطمين النبي صلى الله عليه وسلم بأن الوليد سيقطع عنه مدد الرزق لئلا تكون نعمته فتنة لغيره من المعاندين فيغريهم حاله بأن عنادهم لا يضرهم لأنهم لا يحسبون حياة بعد هذه كما حكى الله من قول موسى عليه السلام : { ربّنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم } [ يونس : 88 ] .

وفي هذا الإِبطال والردع إيذان بأن كفران النعمة سبب لقطعها قال تعالى : { لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } [ إبراهيم : 7 ] ، ولهذا قال الشيخ ابن عطاء الله : « من لم يشكر النعم فقد تعرَّض لزوالها ، ومن شكرها فقد قَيَّدها بعِقَالها » .