الآيتان 15و16 : وقوله تعالى : { ثم يطمع أن أزيد }{ كلا } فجائز أن يكون طمعه منصرفا إلى الزيادة في الآخرة كقوله : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات } [ الجاثية : 21 ] فحسبوا أنهم إذا ساووا أهل الإيمان في الدنيا يساوونهم{[22601]} في الآخرة ، لو كانت{[22602]} الآخرة [ لهم ]{[22603]} حقا .
فكذلك هذا اللعين حسب أنه يبسط عليه نعيم الآخرة كما بسط عليه نعيم الدنيا .
فكان قوله : { كلا } ردا عليه . فإن كان على هذا ففيه أعظم الدلالة على إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر أن ليس له نصيب في الآخرة ، وإنما يحرم النصيب إذا ختم على الكفر كما قال ، فكان .
وهذا إخبار منه عن أمر الغيب . فصدق خبره ، وخرج الأمر حقا كما قال ، فثبت أنه بالله تعالى علم .
وجائز أن يكون طمعه الزيادة في الدنيا ، فقطع عليه طمعه بقوله : { كلا } .
وذكر أن ماله بعد نزول هذه الآية أخذ في الانتقاص إلى أن أهلكه الله تعالى ، ولم يزده{[22604]} شيئا ، فيكون في هذا أيضا[ كما ]{[22605]} في الأول من إثبات الرسالة .
وقوله تعالى : { إنه كان لآياتنا عنيدا } في هذا تصبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله تعالى أكثر نعمه عليه . ثم ذلك الملعون مع كثرة نعم الله عليه وإحسانه إليه عاند ، ولم يطعه{[22606]} في أوامره ، فكيف ترجو أنت منه في معاملته إيّاك مع معاملتك إياه ما{[22607]} يخالف مراده وهواه ؟ فيكون فيه ما يدعوه إلى الصبر .
والعناد ، هو مخالفة الحق عن علم بظهور الحق ، فيكون قوله : { إنه كان لآياتنا عنيدا } إنه بعد علم وإحاطة ويقين عاند آيات الله ، وخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واستكبر .
والمكابر ، هو الذي يكابر عقله ، فيخالف ما يثبته عقله بالأقوال والأفعال .
ثم في قوله تعالى : { ثم يطمع أن أزيد }{ كلا } إبطال قول من قال : إن الله تعالى لا يفعل بعباده إلا ما هو أصلح لهم ، لأن قوله : { أن أزيد } لا يخلو : إما أن تكون الزيادة التي كان يطمعها خيرا له ، وفي شرط الله تعالى عندهم أن يزيده ، وفي قوله : { كلا } قطع{[22608]} طمعه للزيادة ، فيصير بحرمان الزيادة عنه .
فكيف جعل آية رسالته من الوجه الذي هو جور عندكم ، وإن كان حرمان الزيادة خيرا له وأصلح ؟ .
فكيف جعل الحرمان أيضا علما لنبوّته ، وكان عليه أن يحرمه على زعمكم ؟ .
وفي قراءة عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه : { ثم يطمع أن أزيد }{[22609]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.