القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ ضَلّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأوّلِينَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مّنذِرِينَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ * إِلاّ عِبَادَ اللّهِ الْمُخْلَصِينَ } .
يقول تعالى ذكره : ولقد ضلّ يا محمد عن قصد السبيل وَمحجة الحقّ قبل مشركي قومك من قريش أكثر الأمم الخالية مِن قبلهم وَلَقَدْ أرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ يقول : ولقد أرسلنا في الأمم التي خلت من قبل أمتك ، ومن قبل قومك المكذّبيك منذرين تنذرهم بأسنا على كفرهم بنا ، فكذّبوهم ولم يقبلوا منهم نصائحهم ، فأحللنا بهم بأسنا وعقوبتنا فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُنْذَرِينَ يقول : فتأمل وتبين كيف كان غِبّ أمر الذين أنذَرْتهم أنبياؤنا ، وإلاَمَ صار أمرهم ، وما الذي أعقبهم كفرهم بالله ، ألم نهلكهم فنصيرهم للعباد عِبرة ولمن بعدهم عظة ؟ .
عُقّب وصفُ حال المشركين في الآخرة وما علّل به من أنهم ألْفَوْا آباءهم ضالّين فاتبعوا آباءهم بتنظيرهم بمن سلفوا من الضالّين وتذكيراً للرسول صلى الله عليه وسلم بذلك مسلاة له على ما يلاقيه من تكذيبهم ، واستقصاء لهم في العبرة والموعظة بما حلّ بالأمم قبلهم ، فهَذه الجملة معطوفة على مضمون الجملة التي قبلها إكمالاً للتعليل ، أي اتبعوا آثار آبائهم واقتدوا بالأمم أشياعهم .
ووصف الذين ضلّوا قبلهم بأنهم { أكْثَرُ الأوَّلِينَ } لئلا يَغترّ ضعفاء العقول بكثرة المشركين ولا يعْتزّوا بها ، ليعلموا أن كثرة العدد لا تبرّر ضلال الضالّين ولا خطأ المخطئين ، وأن الهدى والضلال ليسا من آثار العدد كثرة وقلة ولكنهما حقيقتان ثابتتان مستقلتان فإذا عرضت لإِحداهما كثرة أو قلة فلا تكونان فتنة لقصار الأنظار وضعفاء التفكير . قال تعالى : { قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث } [ المائدة : 100 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.