التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَذَكِّرۡ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٞ} (21)

وبعد هذا التوبيخ لأولئك المشركين الذين عموا وصموا عن الحق ، ولم ينتبهوا لآيات الله - تعالى - الدالة على قدرته ووحدانيته . . أمر الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم أن يداوم على التذكير بدعوة الحق ، فقال : { فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ . لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } .

والفاء فى قوله { فذكر } للتفريع ، وترتيب ما بعدها على ما قبلها . والأمر مستعمل فى طلب الاستمرار والدوام فى دعوته الناس إلى الحق ، ومفعول : " فذكر " محذوف العلم به .

وجملة " إنما أنت مذكر " تعليل للأمر بالمواظبة على تبليغ الناس ما أمره بتبليغه .

والمصيطر : هو المتسلط ، المتجبر ، الذى يجبر الناس على الانقياد لما يأمرهم به .

وقد قرأ الجمهور هذا اللفظ بالصاد ، وقرأ ابن عامر بالسين .

أى : إذا كان الأمر كما بينا لك - أيها الرسول الكريم - من أحوال الناس يوم الغاشية ، ومن أننا نحن الذين أوجدنا هذا الكون بقدرتنا . . فداوم - أيها الرسولب الكريم - على دعوة الناس إلى الدين الحق ، فهذه وظيفتك التى لا وظيفة لك سواها ، وكِلْ أمرهم بعد ذلك إلينا ، فأنت لست بمجبر لهم أو مكره إياهم على اتباعك ، وإنما أنت عليك البلاغ ونحن علينا الحساب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَذَكِّرۡ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٞ} (21)

والآن بعد الجولة الأولى في عالم الآخرة ، والجولة الثانية في مشاهد الكون المعروضة ، يلتفت إلى الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يوجهه إلى حدود واجبه وطبيعة وظيفته ، ويلمس قلوبهم اللمسة الأخيرة الموقظة :

فذكر إنما أنت مذكر . لست عليهم بمسيطر . إلا من تولى وكفر . فيعذبه الله العذاب الأكبر . إن إلينا إيابهم . ثم إن علينا حسابهم . .

فذكر بها وذاك . ذكرهم بالآخرة وما فيها . وذكرهم بالكون وما فيه . إنما أنت مذكر . هذه وظيفتك على وجه التحديد . وهذا دورك في هذه الدعوة ، ليس لك ولا عليك شيء وراءه . عليك أن تذكر . فإنك ميسر لهذا ومكلف إياه .