تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَمَجۡمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَٰتِ يَوۡمٖ مَّعۡلُومٖ} (50)

قال الله تعالى : { قُلْ إِنَّ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ . لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ } أي : أخبرهم يا محمد أن الأولين والآخرين من بني آدم سيجمعون إلى عَرَصات القيامة ، لا نغادر منهم أحدًا ، كما قال : { ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ . وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلا لأجَلٍ مَعْدُودٍ . يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ } [ هود : 103 - 105 ] . ولهذا قال هاهنا : { لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ } أي : هو موقت بوقت مُحَدَّد ، لا يتقدم ولا يتأخر ، ولا يزيد ولا ينقص .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَمَجۡمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَٰتِ يَوۡمٖ مَّعۡلُومٖ} (50)

ثم أمر الله تعالى نبيه أن يعلمهم بأن العالم محشور مبعوث ل { يوم معلوم } موقت و { ميقات } : مفعال من الوقت ، كميعاد من الوعد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَمَجۡمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَٰتِ يَوۡمٖ مَّعۡلُومٖ} (50)

ومعنى { مجموعون } : أنهم يبعثون ويحشرون جميعاً ، وليس البعث على أفواج في أزمان مختلفة كما كان موت الناس بل يبعث الأولون والآخرون في يوم واحد . وهذا إبطال لما اقتضاه عطف { أو آباؤنا الأولون } في كلامهم من استنتاج استبعاد البعث لأنهم عدُّوا سَبْقَ من سبق موتُهم أدل على تعذر بعثهم بعد أن مضت عليهم القرون ولم يبعث فريق منهم إلى يوم هذا القيل ، فالمعنى : أنكم .

وتأكيد الخبر ب ( إن ) واللام لرد إنكارهم مضمونَه .

والميقات : هنا لمعنى الوقت والأجل ، وأصله اسم آلة للوقت وتوسعوا فيه فأطلقوه على الوقت نفسه بحيث تعتبر الميم والألف غير دَالّتين على معنًى ، وتوسعوا فيه توسعاً آخر فأطلقوه على مكان لعمللٍ مّا . ولعل ذلك متفرع على اعتبار ما في التوقيت من التحديد والضبط ، ومنه مواقيت الحج ، وهي أماكن يُحرم الحاج بالحج عندها لا يتجاوزها حلالاً . ومنه قول ابن عباس : « لم يوقت رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الخمر حَدًّا معيَّناً » .

ويصح حمله في هذه الآية على معنى المكان .

وقد ضمن { مَجْمُوعون } معنى مسوقون ، فتعلق به مجرورهُ بحرف { إلى } للانتهاء ، وإلا فإن ظاهر { مجموعون } أن يعدّى بحرف ( في ) .

وأفاد تعليق مجروره به بواسطة ( إلى ) أنه مسير إليه حتى ينتهي إليه ، فدل على مكان . وهذا من الإِيجاز .

وإضافة { ميقات } إلى { يوم معلوم } لأن التجمع واقع في ذلك اليوم . وإذ كان التجمع الواقع في اليوم واقعاً في ذلك الميقات كانت بين الميقات واليوم ملابسة صححت إضافة الميقات إليه لأدنى ملابسة وهذا أدقّ من جعل الإِضافة بيانية . وهذا تعريض بالوعيد بما يلقونه في ذلك اليوم الذي جحدوه .