مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لَمَجۡمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَٰتِ يَوۡمٖ مَّعۡلُومٖ} (50)

وقوله تعالى : { لمجموعون } فوق قول القائل : مجموعون كما قلنا : إن قول القائل : إنه يموت في إفادة التوكيد دون قوله : إنه ميت ( رابعها ) قوله تعالى : { إلى ميقات يوم معلوم } فإنه يدل على أن الله تعالى يجمعهم في يوم واحد معلوم ، واجتماع عدد من الأموات لا يعلم عددهم إلا الله تعالى في وقت واحد أعجب من نفس البعث وهذا كقوله تعالى في سورة والصافات : { فإنما هي زجرة واحدة } أي أنتم تستبعدون نفس البعث ، والأعجب من هذا أنه يبعثهم بزجرة واحدة أي صيحة واحدة : { فإذا هم ينظرون } أي يبعثون مع زيادة أمر ، وهو فتح أعينهم ونظرهم ، بخلاف من نعس فإنه إذا انتبه يبقى ساعة ثم ينظر في الأشياء ، فأمر الإحياء عند الله تعالى أهون من تنبيه نائم ( خامسها ) حرف { إلى } أدل على البعث من اللام ، ولنذكر هذا في جواب سؤال هو أن الله تعالى قال : { يوم يجمعكم ليوم الجمع } وقال هنا : { لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم } ولم يقل : لميقاتنا وقال : { ولما جاء موسى لميقاتنا } نقول : لما كان ذكر الجمع جوابا للمنكرين المستبعدين ذكر كلمة { إلى } الدالة على التحرك والانتقال لتكون أدل على فعل غير البعث ولا يجمع هناك قال : { يوم يجمعكم ليوم } ولا يفهم النشور من نفس الحرف وإن كان يفهم من الكلام ، ولهذا قال هاهنا : { لمجموعون } بلفظ التأكيد ، وقال هناك : { يجمعكم } وقال هاهنا : { إلى ميقات } وهو مصير الوقت إليه ، وأما قوله تعالى : { فلما جاء موسى لميقاتنا } فنقول : الموضع هناك لم يكن مطلوب موسى عليه السلام ، وإنما كان مطلوبه الحضور ، لأن من وقت له وقت وعين له موضع كانت حركته في الحقيقة لأمر بالتبع إلى أمر ، وأما هناك فالأمر الأعظم الوقوف في موضعه لا زمانه فقال بكلمة دلالتها على الموضع والمكان أظهر .