تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (183)

وقوله : { وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ } : أي : تَنْقُصوهم أموالهم ، { وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } : يعني : قطع الطريق ، كما في الآية الأخرى : { وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ [ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ ] } {[21845]} [ الأعراف : 86 ] .


[21845]:- زيادة من ف ، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (183)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَزِنُواْ بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلاَ تَبْخَسُواْ النّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ }

يعني بقول وزِنُوا بالقِسْطاسِ وزنوا بالميزان المُسْتقِيمِ الذي لا بخس فيه على من وزنتم له وَلا تَبْخَسوا النّاسَ أشْياءَهُمْ يقول : ولا تنقصوا الناس حقوقهم في الكيل والوزن وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسدِينَ يقول : ولا تكثروا في الأرض الفساد . وقد بيّنا ذلك كله بشواهده ، واختلاف أهل التأويل فيه فيما مضى ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (183)

{ ولا تبخسوا الناس أشياءهم } ولا تنقصوا شيئا من حقوقهم . { ولا تعثوا في الأرض مفسدين } بالقتل والغارة وقطع الطريق .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (183)

و { تعثوا } معناه تفسدون يقال عثا إذا أفسد .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (183)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ولا تبخسوا الناس أشياءهم} يقول: ولا تنقصوا الناس حقوقهم في الكيل والميزان، {ولا تعثوا في الأرض} يعنى ولا تسعوا في الأرض {مفسدين} بالمعاصي.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني بقوله:"وزِنُوا بالقِسْطاسِ": وزنوا بالميزان "المُسْتقِيمِ "الذي لا بخس فيه على من وزنتم له. "وَلا تَبْخَسوا النّاسَ أشْياءَهُمْ "يقول: ولا تنقصوا الناس حقوقهم في الكيل والوزن. "وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسدِينَ" يقول: ولا تكثروا في الأرض الفساد.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{... وَلاَ تَعْثَوا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} فيه وجهان: أحدها: معناه ولا تمشوا فيها بالمعاصي، قاله أبو مالك. الثاني: لا تمشوا فيها بالظلم بعد إصلاحها بالعدل، قاله ابن المسيب. ويحتمل ثالثاً: أن عبث المفسد ما ضر غيره ولم ينفع نفسه.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

يقال: بخسته حقه، إذا نقصته إياه. ومنه قيل للمكس: البخس، وهو عامّ في كل حق ثبت لأحد أن لا يهضم، وفي كل ملك أن لا يغصب عليه مالكه ولا يتحيف منه، ولا يتصرف فيه إلا بإذنه تصرفاً شرعياً. يقال: عثا في الأرض وعثى وعاث، وذلك نحو قطع الطريق، والغارة، وإهلاك الزروع، وكانوا يفعلون ذلك مع توليهم أنواع الفساد فنهوا عن ذلك.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما أمر بالوفاء في الوزن، أتبعه نهياً عن تركه عاماً كما فعل في الكيل ليكون آكد فقال: {ولا تبخسوا} أي تنقصوا {الناس أشياءهم} أي في كيل أو وزن أو غيرهما نقصاً يكون كالسبخة لا فائدة فيه. ثم أتبع ذلك بما هو أعم منه فقال: {ولا تعثوا} أي تتصرفوا {في الأرض} عن غير تأمل حال كونكم {مفسدين} أي في المال أو غيره، قاصدين بذلك الإفساد -كما تقدم بيانه في سورة هود عليه السلام.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم أخذ يواجههم بما هو من خاصة شأنهم:

(أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين، وزنوا بالقسطاس المستقيم، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الأرض مفسدين).

وقد كان شأنهم -كما ذكر في سورتي الأعراف وهود- أن يطففوا في الميزان والمكيال، وأن يأخذوا بالقسر والغصب زائدا عن حقهم، ويعطوا أقل من حق الناس، ويشتروا بثمن بخس ويبيعوا بثمن مرتفع. ويبدو أنهم كانوا في ممر قوافل التجارة، فكانوا يتحكمون فيها. وقد أمرهم رسولهم بالعدل والقسط في هذا كله، لأن العقيدة الصحيحة يتبعها حسن المعاملة. ولا تستطيع أن تغضي عن الحق والعدل في معاملات الناس.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

بخس أشياء الناس: غبن منافعها وذمُّها بغير ما فيها ليضطروهم إلى بيعها بغبن. وأما الفساد فيقع على جميع المعاملات الضارة.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

{وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ}، أي لا تنقصوا قيمة ما عند الناس، والمعنى الظاهر لا تبخسوا أشياء الناس، ولكن عبر ذلك التعبير القرآني السامي العميق لفائدتين جليلتين أولاها أن بخس قيم الأشياء بخس للناس أنفسهم، فمن بخس تقدير القيم، فقد ظلم، وأعظم الجريمة. الفائدة الثانية أن في ذلك إبهاما ثم بيانا، فيكون ذلك توكيدا للمعنى فضل توكيد. وبعد أن نهى عن تطفيف الكيل والميزان، وبخس قيم الأشياء. نهى عن الاعتداء بشكل عام، فقال عز من قائل: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}. وذلك يشمل إفساد زرع غيره، أو منع الماء عنه، أو إتلافه، أو ألا يعطيه حقه من الماء، أو ما يجري بين المختلطين من مساحة، والعثي أو العثو، الفساد النفسي أو المادي، ونميل إلى العثي النفسي، والمعنى القصد إلى العثو مفسدين حال مؤكدة لمعنى العثو، لأن العثو يؤدي إلى الفساد في الجماعة، فيتقاطعون، ويتدابرون.

التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :

{ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين} فركز دعوته على وجوب تطهير التجارة والاقتصاد، من الغش والاستغلال المنافيين لمصلحة العباد وأمرهم في حالة البيع بإيفاء الكيل والوزن وعدم التطفيف في أي واحد منهما، طبقا لمقتضى العدل والإنصاف...ونهاهم عن الفساد في الأرض نهيا عاما كيفما كان نوع الفساد، بما في ذلك الإخلال بالأمن العام وهناء البلاد، إذ لفظ (الفساد) في لغة القرآن يشمل معناه الإخلال بالأمن العام، مثل قطع الطرق والاعتداء على الممتلكات والأرواح، التي تتمتع بالقداسة والاحترام...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

{ولا تعثوا في الأرض مفسدين} عثا: أي أفسد، فالمعنى: لا تفسدوا في الأرض، فلماذا كرر الإفساد مرة أخرى فقال {مفسدين}؟ قالوا: المراد: لا تعثوا في الأرض حالة كونكم مفسدين، أو في نيتكم الإفساد. وليس في الآية تكرار؛ لأنه فرق بين إفساد شيء وأنت لا تقصد إفساده، إنما حركتك في الحياة أفسدته، وبين أن تفسد عن قصد وعمد للإفساد، حتى لا نمنع العقول أن تفكر وتجرب لتصل إلى الأفضل، وتثري حركة الحياة، فما دمت قد قصدت الصلاح، فلا عليك إن أخطأت؛ لأن ربك- عز وجل – يتولى تصحيح هذا الخطأ، بل ويعوضك عنه...إذن: المعنى: لا تفسدوا في الأرض وأنتم تقصدون الإفساد.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

وهكذا كانت رسالة شعيب لقومه، أن يواجهوا الحركة التجارية في معاملاتهم من مواقع الإصلاح لا الإفساد، وذلك بإقامة التوازن في كل ما لهم وما عليهم..وأن تكون التقوى حافظاً لخطواتهم من الزلل، ومواقعهم من الانحراف، إذا اقترب الشيطان منهم في عملية إغواءٍ وتضليل.