ووصف { كرام } مما وصف به الملائكة في آيات أخرى كقوله تعالى { كراماً كاتبين } [ الانفطار : 11 ] .
ووصف البرَرة ورد صفةً للملائكة في الحديث الصحيح قوله : " الذي يقرأ القرآن وهو ماهِر به مع السَفرة الكرام البرَرَة " .
والبررة : جمع بَرّ ، وهو الموصوف بكثرة البرور . وأصل بَرّ مصدر بَرَّ يبَرّ من باب فَرح ، ومصدره كالفَرح ، فهذا من باب الوصف بالمصدر مثل عَدل وقد اختص البررة بجمع بَرّ ولا يكون جمع بارّ .
والغالب في اصطلاح القرآن أن البررة الملائكةُ والأبرارَ الآدميون . قال الراغب : « لأن بررة أبلغ من أبرار إذ هو جمع بَرّ ، وأبرار جمع بَار ، وبَرّ أبلغ من بار كما أن عَدلا أبلغ من عادل » .
وهذا تنويه بشأن القرآن لأن التنويه بالآيات الواردة في أول هذه السورة من حيث إنها بعض القرآن فأثني على القرآن بفضيلة أثَره في التذكير والإِرشاد ، وبرفعة مكانته ، وقدس مصدره ، وكرم قراره ، وطهارته ، وفضائل حَمَلَتِه ومبلغيه ، فإن تلك المدائح عائدة إلى القرآن بطريق الكناية .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم أثنى على الملائكة الكتبة، فقال: {كرام}... {بررة} يعني مطعين لله تعالى أنقياء أبرار من الذنوب...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي كرام على الله تعالى بررة في أعمالهم كما وصفهم الله تعالى بقوله: {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم: 6]...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
من صفة السفرة، وصفهم الله بأنهم كرام، وهو جمع كريم، وهو الذي من شأنه أن يأتي بالخير من جهته...
من غير شائب يكدره. وهي صفة مدح... و (البررة) جمع بار، تقول: بر فلان فلانا... إذا أحسن إليه ونفعه. والبر: فعل النفع اجتلابا للمودة. والبار: فاعل البر...
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
كرام أعزاء على الله أو متعطفين على المؤمنين يكلمونهم ويستغفرون لهم بررة أتقياء...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
أي: خُلقهم كريم حَسَنٌ شريف، وأخلاقهم وأفعالهم بارة طاهرة كاملة. ومن هاهنا ينبغي لحامل القرآن أن يكون في أفعاله وأقواله على السداد والرشاد...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{كرام} أي ينطوون على معالي الأخلاق مع أنهم أعزاء على الله- {بررة} أي أتقياء في أعلى مراتب التقوى والكرم وأعزها وأوسعها...
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
{كِرَامٍ} أي: كثيري الخير والبركة، {بَرَرَةٍ} قلوبهم وأعمالهم. وذلك كله حفظ من الله لكتابه، أن جعل السفراء فيه إلى الرسل الملائكة الكرام الأقوياء الأتقياء، ولم يجعل للشياطين عليه سبيلا، وهذا مما يوجب الإيمان به وتلقيه بالقبول، ولكن مع هذا أبى الإنسان إلا كفورا، ولهذا قال تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
هذا هو الميزان. ميزان الله. الميزان الذي توزن به القيم والاعتبارات، ويقدر به الناس والأوضاع.. وهذه هي الكلمة. كلمة الله. الكلمة التي ينتهي إليها كل قول، وكل حكم، وكل فصل.
وأين هذا؟ ومتى؟ في مكة، والدعوة مطاردة، والمسلمون قلة. والتصدي للكبراء لا ينبعث من مصلحة ذاتية؛ والانشغال عن الأعمى الفقير لا ينبعث من اعتبار شخصي. إنما هي الدعوة أولا وأخيرا. ولكن الدعوة إنما هي هذا الميزان، وإنما هي هذه القيم، وقد جاءت لتقرر هذا الميزان وهذه القيم في حياة البشر. فهي لا تعز ولا تقوى ولا تنصر إلا بإقرار هذا الميزان وهذه القيم..
ثم إن الأمر -كما تقدم- أعظم وأشمل من هذا الحادث المفرد، ومن موضوعه المباشر. إنما هو أن يتلقى الناس الموازين والقيم من السماء لا من الأرض، ومن الاعتبارات السماوية لا من الاعتبارات الأرضية.. (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).. والأكرم عند الله هو الذي يستحق الرعاية والاهتمام والاحتفال، ولو تجرد من كل المقومات والاعتبارات الأخرى، التي يتعارف عليها الناس تحت ضغط واقعهم الأرضي ومواضعاتهم الأرضية. النسب والقوة والمال.. وسائر القيم الأخرى، لا وزن لها حين تتعرى عن الإيمان والتقوى. والحالة الوحيدة التي يصح لها فيها وزن واعتبار هي حالة ما إذا أنفقت لحساب الإيمان والتقوى.
هذه هي الحقيقة الكبيرة التي استهدف التوجيه الإلهي إقرارها في هذه المناسبة، على طريقة القرآن في اتخاذ الحادث المفرد والمناسبة المحدودة، وسيلة لإقرار الحقيقة المطلقة والمنهج المطرد.
ولقد انفعلت نفس الرسول [صلى الله عليه وسلم] لهذا التوجيه، ولذلك العتاب. انفعلت بقوة وحرارة، واندفعت إلى إقرار هذه الحقيقة في حياته كلها، وفي حياة الجماعة المسلمة. بوصفها هي حقيقة الإسلام الأولى.
وكانت الحركة الأولى له [صلى الله عليه وسلم] هي إعلان ما نزل له من التوجيه والعتاب في الحادث. وهذا الإعلان أمر عظيم رائع حقا. أمر لا يقوى عليه إلا رسول، من أي جانب نظرنا إليه في حينه.
نعم لا يقوى إلا رسول على أن يعلن للناس أنه عوتب هذا العتاب الشديد، بهذه الصورة الفريدة في خطأ أتاه! وكان يكفي لأي عظيم -غير الرسول- أن يعرف هذا الخطأ وأن يتلافاه في المستقبل. ولكنها النبوة. أمر آخر. وآفاق أخرى!
لا يقوى إلا رسول على أن يقذف بهذا الأمر هكذا في وجوه كبراء قريش في مثل تلك الظروف التي كانت فيها الدعوة، مع أمثال هؤلاء المستعزين بنسبهم وجاههم ومالهم وقوتهم، في بيئة لا مكان فيها لغير هذه الاعتبارات، إلى حد أن يقال فيها عن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم: (لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم!).. وهذا نسبه فيهم، لمجرد أنه هو شخصيا لم تكن له رياسة فيهم قبل الرسالة!
ثم إنه لا يكون مثل هذا الأمر في مثل هذه البيئة إلا من وحي السماء. فما يمكن أن ينبثق هذا من الأرض.. ومن هذه الأرض بذاتها في ذلك الزمان!!
وهي قوة السماء التي دفعت مثل هذا الأمر في طريقه؛ فإذا هو ينفذ من خلال نفس النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى البيئة من حوله؛ فيتقرر فيها بعمق وقوة واندفاع، يطرد به أزمانا طويلة في حياة الأمة المسلمة.
لقد كان ميلادا جديدا للبشرية كميلاد الإنسان في طبيعته. وأعظم منه خطرا في قيمته.. أن ينطلق الإنسان حقيقة -شعورا وواقعا- من كل القيم المتعارف عليها في الأرض، إلى قيم أخرى تتنزل له من السماء منفصلة منعزلة عن كل ما في الأرض من قيم وموازين وتصورات واعتبارات وملابسات عملية، وارتباطات واقعية ذات ضغط وثقل، ووشائج متلبسة باللحم والدم والأعصاب والمشاعر. ثم أن تصبح القيم الجديدة مفهومة من الجميع، مسلما بها من الجميع. وأن يستحيل الأمر العظيم الذي احتاجت نفس محمد [صلى الله عليه وسلم] كي تبلغه إلى التنبيه والتوجيه، أن يستحيل هذا الأمر العظيم بديهية الضمير المسلم، وشريعة المجتمع المسلم، وحقيقة الحياة الأولى في المجتمع الإسلامي لآماد طويلة في حياة المسلمين.
إننا لا نكاد ندرك حقيقة ذلك الميلاد الجديد. لأننا لا نتمثل في ضمائرنا حقيقة هذا الانطلاق من كل ما تنشئه أوضاع الأرض وارتباطاتها من قيم وموازين واعتبارات ساحقة الثقل إلى الحد الذي يخيل لبعض أصحاب المذاهب "التقدمية! " أن جانبا واحدا منها -هو الأوضاع الاقتصادية- هو الذي يقرر مصائر الناس وعقائدهم وفنونهم وآدابهم وقوانينهم وعرفهم وتصورهم للحياة! كما يقول أصحاب مذهب التفسير المادي للتاريخ في ضيق أفق، وفي جهالة طاغية بحقائق النفس وحقائق الحياة!
إنها المعجزة. معجزة الميلاد الجديد للإنسان على يد الإسلام في ذلك الزمان..
ومنذ ذلك الميلاد سادت القيم التي صاحبت ذلك الحادث الكوني العظيم.. ولكن المسألة لم تكن هينة ولا يسيرة في البيئة العربية، ولا في المسلمين أنفسهم.. غير أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] قد استطاع -بإرادة الله، وبتصرفاته هو وتوجيهاته المنبعثة من حرارة انفعاله بالتوجيه القرآني الثابت- أن يزرع هذه الحقيقة في الضمائر وفي الحياة؛ وأن يحرسها ويرعاها، حتى تتأصل جذورها، وتمتد فروعها، وتظلل حياة الجماعة المسلمة قرونا طويلة.. على الرغم من جميع عوامل الانتكاس الأخرى..
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعد هذا الحادث يهش لابن أم مكتوم ويرعاه؛ ويقول له كلما لقيه: " أهلا بمن عاتبني فيه ربي " وقد استخلفه مرتين بعد الهجرة على المدينة..
ولكي يحطم موازين البيئة وقيمها المنبثقة من اعتبار الأرض ومواضعاتها، زوج بنت خالته زينب بنت جحش الأسدية، لمولاه زيد بن حارثة. ومسألة الزواج والمصاهرة مسألة حساسة شديدة الحساسية. وفي البيئة العربية بصفة خاصة.
وقبل ذلك حينما آخى بين المسلمين في أول الهجرة، جعل عمه حمزة ومولاه زيدا أخوين. وجعل خالد بن رويحة الخثعمي وبلال بن رباح أخوين!
وبعث زيدا أميرا في غزوة مؤتة، وجعله الأمير الأول، يليه جعفر بن أبي طالب، ثم عبد الله بن رواحة الأنصاري، على ثلاثة آلاف من المهاجرين والأنصار، فيهم خالد بن الوليد.
وخرج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بنفسه يشيعهم.. وهي الغزوة التي استشهد فيها الثلاثة رضي الله عنهم.
وكان آخر عمل من أعماله [صلى الله عليه وسلم] أن أمر أسامة بن زيد على جيش لغزو الروم، يضم كثرة من المهاجرين والأنصار، فيهم أبو بكر وعمر وزيراه، وصاحباه، والخليفتان بعده بإجماع المسلمين. وفيهم سعد بن أبي وقاص قريبه [صلى الله عليه وسلم] ومن أسبق قريش إلى الإسلام.
وقد تململ بعض الناس من إمارة أسامة وهو حدث. وفي ذلك قال ابن عمر رضي الله عنهما -:بعث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعثا أمر عليهم أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- فطعن بعض الناس في إمارته، فقال النبي [صلى الله عليه وسلم] إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل. وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي. وإن هذا لمن أحب الناس إلي..
ولما لغطت ألسنة بشأن سلمان الفارسي، وتحدثوا عن الفارسية والعربية، بحكم إيحاءات القومية الضيقة، ضرب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ضربته الحاسمة في هذا الأمر فقال: " سلمان منا أهل البيت " فتجاوز به -بقيم السماء وميزانها- كل آفاق النسب الذي يستعزون به، وكل حدود القومية الضيقة التي يتحمسون لها.. وجعله من أهل البيت رأسا!
ولما وقع بين أبي ذر الغفاري وبلال بن رباح -رضي الله عنهما- ما أفلت معه لسان أبي ذر بكلمة " يا بن السوداء".. غضب لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] غضبا شديدا؛ وألقاها في وجه أبي ذر عنيفة مخيفة: يا أبا ذر طف الصاع ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل.. ففرق في الأمر إلى جذوره البعيدة.. إما إسلام فهي قيم السماء وموازين السماء. وإما جاهلية فهي قيم الأرض وموازين الأرض!
ووصلت الكلمة النبوية بحرارتها إلى قلب أبي ذر الحساس؛ فانفعل لها أشد الانفعال، ووضع جبهته على الأرض يقسم ألا يرفعها حتى يطأها بلال. تكفيرا عن قولته الكبيرة!
وكان الميزان الذي ارتفع به بلال هو ميزان السماء.. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: " يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام منفعة عندك. فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة". فقال:ما عملت في الإسلام عملا أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهورا تاما في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي.
وكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول عن عمار بن ياسر وقد استأذن عليه: " ائذنوا له مرحبا بالطيب المطيب".. وقال عنه: " ملئ عمار -رضي الله عنه- إيمانا إلى مشاشه".. وعن حذيفة -رضي الله عنه قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: " إني لا أدري ما بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي- وأشار إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما -واهتدوا بهدي عمار. وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه"...
واستقرت تلك الحقيقة في المجتمع الإسلامي، وظلت مستقرة بعد ذلك آمادا طويلة على الرغم من عوامل الانتكاس الكثيرة. " وقد كان عبد الله بن عباس يذكر ويذكر معه مولاه عكرمة. وكان عبد الله ابن عمر يذكر ويذكر معه مولاه نافع. وأنس بن مالك ومعه مولاه ابن سيرين. وأبو هريرة ومعه مولاه عبد الرحمن بن هرمز. وفي البصرة كان الحسن البصري. وفي مكة كان مجاهد بن جبر، وعطاء بن رباح، وطاووس بن كيسان هم الفقهاء. وفي مصر تولى الفتيا يزيد بن أبي حبيب في أيام عمر بن عبد العزيز وهو مولى أسود من دنقلة"..
وظل ميزان السماء يرجح بأهل التقوى ولو تجردوا من قيم الأرض كلها.. وفي اعتبار أنفسهم وفي اعتبار الناس من حولهم. ولم يرفع هذا الميزان من الأرض إلا قريبا جدا بعد أن طغت الجاهلية طغيانا شاملا في أنحاء الأرض جميعا. وأصبح الرجل يقوم برصيده من الدولارات في أمريكا زعيمة الدول الغربية. وأصبح الإنسان كله لا يساوي الآلة في المذهب المادي المسيطر في روسيا زعيمة الدول الشرقية. أما أرض المسلمين فقد سادت فيها الجاهلية الأولى، التي جاء الإسلام ليرفعها من وهدتها؛ وانطلقت فيها نعرات كان الإسلام قد قضى عليها. وحطمت ذلك الميزان الإلهي وارتدت إلى قيم جاهلية زهيدة لا تمت بصلة إلى الإيمان والتقوى..
ولم يعد هنالك إلا أمل يناط بالدعوة الإسلامية أن تنقذ البشرية كلها مرة أخرى من الجاهلية؛ وأن يتحقق على يديها ميلاد جديد للإنسان كالميلاد الذي شهدته أول مرة، والذي جاء ذلك الحادث الذي حكاه مطلع هذه السورة ليعلنه في تلك الآيات القليلة الحاسمة العظيمة..
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
ووصف {كرام} مما وصف به الملائكة في آيات أخرى كقوله تعالى {كراماً كاتبين} [الانفطار: 11]...
وهذا تنويه بشأن القرآن لأن التنويه بالآيات الواردة في أول هذه السورة من حيث إنها بعض القرآن فأثني على القرآن بفضيلة أثَره في التذكير والإِرشاد، وبرفعة مكانته، وقدس مصدره، وكرم قراره، وطهارته، وفضائل حَمَلَتِه ومبلغيه، فإن تلك المدائح عائدة إلى القرآن بطريق الكناية...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
ونستنتج من كلّ ما تقدم: بأنّ مَنْ يسعى في حفظ القرآن وإحياء مفاهيمه وأحكامه ممارسةً، فله من المقام ما للكرام البررة. «كرام»: جمع (كريم)، بمعنى العزيز المحترم، وتشير كلمة «كِرام» في الآية إلى عظمة ملائكة الوحي عند اللّه وعلو منزلتهم. وقيل: «كرام»: إشارة إلى طهارتهم من كلِّ ذنب، بدلالة الآيتين (26 و 27) من سورة الأنبياء: (بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون). «بررة»: جمع (بار)، من (البَرِّ)، بمعنى التوسع، ولذا يطلق على الصحراء الواسعة اسم (البَرْ)، كما يطلق على الفرد الصالح اسم (البار) لوسعة خير وشمول بركاته على الآخرين. و«البررة»: في الآية، بمعنى: إطاعة الأمر الإلهي، والطهارة من الذنوب. ومن خلال ما تقدم تتوضح لنا ثلاث صفات للملائكة. الأولى: إنّهم «سفرة» حاملين وحيه جلّ شأنه. الثّانية: إنّهم أعزاء ومكرمون. الثاّلثة: طهرة أعمالهم عن كلّ تقاعس أو مفسدة...