{ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ } أى : فذهب إلى أهله فذبح عجلا وشواه ، فقر به إلى ضيوفه وقال لهم : { أَلاَ تَأْكُلُونَ } أى : حضهم على الأكل شأن المضيف الكريم . فقال لهم على سبيل التلطف وحسن العرض : ألا تأكلون من طعامى .
قال ابن كثير : وهذه الآيات انتظمت آداب الضيافة ، فإنه جاء بطعامه من حيث لا يشعرون بسرعة . ولم يمتن عليهم أولا فقال : نأتيكم بطعام ؟ بل جاء به بسرعة وخفاء ، وأتى بأفضل ما وجد من ماله ، وهو عدل سمين مشوى فقربه إليهم ، لم يضعه وقال : اقتربوا ، بل وضعه بين أيديهم ، ولم يأمرهم أمرا يشق على سامعه بصيغة الجزم ، بل قال : { أَلاَ تَأْكُلُونَ } على سبيل العرض والتلطف ، كما يقول القائل اليوم : إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق . فافعل .
ولكن إبراهيم مع هذا العرض الحسن ، والكرم الواضح ، لم يجد من ضيوفه استجابة لدعوته . { فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً }
معنى { قربه } وضعه قريباً منهم ، أي لم ينقلهم من مجلسهم إلى موضع آخر بل جعل الطعام بين أيديهم .
وهذا من تمام الإكرام للضيف بخلاف ما يُطعمه العافي والسائِل فإنه يدعى إلى مكان الطعام كما قال الفرزدق :
فقلتُ إلى الطعام فقال مِنهم *** فريقٌ يحسد الأنس الطعاما
ومجيء الفاء لعطف أفعال { فراغ } { فجاء } { فقرّبه } للدلالة على أن هذه الأفعال وقعت في سرعة ، والإسراع بالقِرى من تمام الكرم ، وقد قيل : خير البر عاجله .
وجملة { قال ألا تأكلون } بدل اشتمال من جملة { قربه إليهم } .
و { ألا } كلمة واحدة ، وهي حرف عَرْض ، أي رغبةٍ في حصول الفعل الذي تدخل عليه . وهي هنا متعينة للعَرض لوقوع فعل القول بدلاً من فعل { قرَّبه إليهم } ، ولا يحسن جعلها كلمتين من همزة استفهام للإنكار مع ( لا ) النافية .
والعرض على الضيف عقب وضع الطعام بين يديه زيادة في الإكرام بإظهار الحرص على ما ينفع الضيف وإن كان وضع الطعام بين يديه كافياً في تمكينه منه . وقد اعتبر ذلك إذناً عند الفقهاء في الدعوة إلى الولائم بخلاف مجرد وجود مائدة طعام أو سُفرة ، إذ يجوز أن تكون قد أعدت لغير المدعوّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.