وهذا التكشف في خفايا الصدور يقابله في الكون مشهد مثله : ( وإذا السماء كشطت ) . . وأول ما يتبادر إلى الذهن من كلمة السماء هو هذا الغطاء المرفوع فوق الرؤوس . وكشطها إزالتها . . فأما كيف يقع هذا وكيف يكون فلا سبيل إلى الجزم بشيء . ولكنا نتصور أن ينظر الإنسان فلا يرى هذه القبة فوقه نتيجة لأي سبب يغير هذه الأوضاع الكونية ، التي توجد بها هذه الظاهرة . وهذا يكفي . .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا السّمَآءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعّرَتْ * وَإِذَا الْجَنّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مّآ أَحْضَرَتْ * فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنّسِ * الْجَوَارِ الْكُنّسِ } .
يقول تعالى ذكره : وإذا السماء نُزعت وجُذبت ، ثم طُويت . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : كُشِطَتْ قال : جُذبت .
وذُكر في قراءة عبد الله : «قُشِطَتْ » بالقاف ، والقَشْط والكَشْط : بمعنى واحد ، وذلك تحويل من العرب الكاف قافا ، لتقارب مخرجيهما ، كما قيل للكافور قافور ، وللقُسط : كُسْط ، وذلك كثير في كلامهم ، إذا تقارب مخرج الحرفين ، أبدلوا من كلّ واحد منهما صاحبه ، كقولهم للأثافي : أثاثي ، وثوب فُرْقُبيّ وثُرْقُبِيّ .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: وإذا السماء نُزعت وجُذبت، ثم طُويت...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قيل: نشرت، وذلك أن تتناثر النجوم، وتطمس الشمس وتطوى السماء {كطي السجل للكتب} [الأنبياء: 104].
وقيل: كشفت السماء، فكشفت السماء كما يكشف الغطاء عن الشيء، ويقال: كشطت، أي قلعت كما يقلع السقف...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
فالكشط: القلع عن شدة التزاق كشط جلدة الرأس يكشطها كشطا إذا قلعها وقلع السماء عن مكانها على شدة ما فيها من اعتماد كقلع جلدة الرأس عن مكانها...
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :
... معنى الكشط: رفعك شيئاً عن شيء قد غطاه، كما يكشط الجلد عن السنام...
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
فأصل الكشط السلخ، واستعير هنا للإزالة...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وهذا التكشف في خفايا الصدور يقابله في الكون مشهد مثله: (وإذا السماء كشطت).. وأول ما يتبادر إلى الذهن من كلمة السماء هو هذا الغطاء المرفوع فوق الرؤوس. وكشطها إزالتها.. فأما كيف يقع هذا وكيف يكون فلا سبيل إلى الجزم بشيء. ولكنا نتصور أن ينظر الإنسان فلا يرى هذه القبة فوقه نتيجة لأي سبب يغير هذه الأوضاع الكونية، التي توجد بها هذه الظاهرة. وهذا يكفي...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
... ما يراد من «كشطت» في الآية، هو: رفع الحجب الفاصلة بين العالمين الدنيوي والعلوي، التي تمنع رؤية الناس للملائكة أو الجنّة والنّار، فيرى الإنسان حينها عالم الوجود شاخصا أمام ناظريه شخوصاً حقيقياً، وكما تصور الآيات التالية ذلك، حيث أنّ الجنّة ستقترب من الإنسان ليرى نعيمها، وتزداد النّار سعيراً لاهبة. نعم، أو ليس يوم القيامة يوم البروز.. فلا الحقائق ستخفى، ولا يكون للحجب أثراً. فالآية وما سبقها وسيلحقها إذنْ -حسب التفسير أعلاه- قد تحدثت عن المرحلة الثّانية للقيامة، مرحلة ما بعد البعث، فما ذكره كثير من المفسرين، من كون الآية تشير إلى انهيار وتحطم السماوات، والمتعلق بحوادث المرحلة الأولى للقيامة (مرحلة الفناء العام)، يبدو أنّه بعيد، لأنه لا ينسجم مع معنى «كشطت» من جهة أخرى...