وكعادة القرآن الكريم فى المقارنة بين الأخيار والأشرار جاء الحديث عن سوء عاقبة الكافرين بعد الحديث عن حسن عاقبة المؤمنين ، فقال - تعالى - { إِنَّ المجرمين فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } .
أى : إن الكافرين بالحق ، الراسخين فى الإِجرام ، الكاملين فيه ، سيكونون يوم القيامة ، فى عذاب جهنم خالدين فيه خلودا أبديا .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنّمَ خَالِدُونَ * لاَ يُفَتّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلََكِن كَانُواْ هُمُ الظّالِمِينَ } .
يقول تعالى ذكره إنّ المُجْرِمِينَ وهم الذين اجترموا في الدنيا الكفر بالله ، فاجترموا به في الاَخرة فِي عَذَابِ جَهَنّمَ خالِدُونَ يقول : هم فيه ماكثون .
أحدهما : إتمام التفصيل لما أجمله الوعيد الذي في قوله تعالى : { فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم } [ الزخرف : 65 ] عقب تفصيل بعضه بقوله : { هل ينظرون إلا الساعة } [ الزخرف : 66 ] الخ . وبقوله : { الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدوٌ } [ الزخرف : 67 ] حيث قطع إتمام تفصيله بالاعتناء بذكر وعد المؤمنين المتقين فهي في هذا الموقع بيان لجملة الوعيد وتفصيل لإجمالها .
الموقع الثاني : أنها كالاستئناف البياني يثيره ما يُسمع من وصف أحوال المؤمنين المتقين من التساؤل : كيف يكون حال أضدادهم المشركين الظالمين .
والموقعان سواء في كون الجملة لا محلّ لها من الإعراب .
وافتتاح الخبر ب { إنّ } للاهتمام به ، أو لتنزيل السائل المتلهففِ للخبر منزلة المتردّد في مضمونه لشدة شوقه إليه ، أو نظراً إلى ما في الخبر من التعريض بإسماعه المشركين وهم ينكرون مَضْمُونَهُ فكأنه قيل : إنكم أيها المجرمون في عذاب جهنم خالدون .
والمجرمون : الذين يفعلون الإجرام ، وهو الذنب العظيم . والمراد بهم هنا : المشركون المكذبون للنبيء صلى الله عليه وسلم لأن السياق لهم ، ولأن الجملة بيان لإجمال وعيدهم في قوله : { فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم } [ الزخرف : 65 ] ، ولأن جواب الملائكة نداءهم بقولهم : { لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون } [ الزخرف : 78 ] لا ينطبق على غير المكذبين ، أي كارهون للإسلام والقرآن ، فذكر المجرمين إظهار في مقام الإضمار للتنبيه على أن شركهم إجرام .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{إن المجرمين} يعني المشركين المسرفين.
{في عذاب جهنم خالدون}، يعني لا يموتون...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره:"إنّ المُجْرِمِينَ" وهم الذين اجترموا في الدنيا الكفر بالله، فاجترموا به في الآخرة "فِي عَذَابِ جَهَنّمَ خالِدُونَ" يقول: هم فيه ماكثون.
اعلم أنه تعالى لما ذكر الوعد، أردفه بالوعيد على الترتيب المستمر في القرآن.
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
لما ذكر أحوال أهل الجنة ذكر أحوال أهل النار أيضا ليبين فضل المطيع على العاصي...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{إن المجرمين} أي الراسخين في قطع ما أمر الله به أن يوصل.
{في عذاب جهنم} أي النار التي من شأنها لقاء داخلها بالتجهم والكراهة والعبوسة كما كان يعمل عند قطعه لأولياء الله تعالى.
{خالدون} لأن إجرامهم كان طبعاً لهم لا ينفكون عنه أصلاً ما بقوا.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
أحدهما: إتمام التفصيل لما أجمله الوعيد الذي في قوله تعالى: {فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم} [الزخرف: 65] عقب تفصيل بعضه بقوله: {هل ينظرون إلا الساعة} [الزخرف: 66] الخ. وبقوله: {الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدوٌ} [الزخرف: 67] حيث قطع إتمام تفصيله بالاعتناء بذكر وعد المؤمنين المتقين فهي في هذا الموقع بيان لجملة الوعيد وتفصيل لإجمالها.
الموقع الثاني: أنها كالاستئناف البياني يثيره ما يُسمع من وصف أحوال المؤمنين المتقين من التساؤل: كيف يكون حال أضدادهم المشركين الظالمين.
والموقعان سواء في كون الجملة لا محلّ لها من الإعراب.
وافتتاح الخبر ب {إنّ} للاهتمام به، أو لتنزيل السائل المتلهفِ للخبر منزلة المتردّد في مضمونه لشدة شوقه إليه، أو نظراً إلى ما في الخبر من التعريض بإسماعه المشركين وهم ينكرون مَضْمُونَهُ فكأنه قيل: إنكم أيها المجرمون في عذاب جهنم خالدون.
والمجرمون: الذين يفعلون الإجرام، وهو الذنب العظيم. والمراد بهم هنا: المشركون المكذبون للنبيء صلى الله عليه وسلم لأن السياق لهم، ولأن الجملة بيان لإجمال وعيدهم في قوله: {فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم} [الزخرف: 65]، ولأن جواب الملائكة نداءهم بقولهم: {لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون} [الزخرف: 78] لا ينطبق على غير المكذبين، أي كارهون للإسلام والقرآن، فذكر المجرمين إظهار في مقام الإضمار للتنبيه على أن شركهم إجرام.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
«المجرم» من مادة جرم، وهو في الأصل بمعنى القطع الذي يستعمل في قطع الثمار من الشجرة أي القطف وكذلك في قطع نفس الشجرة، إلاّ أنّه استعمل فيما بعد في القيام بكل عمل سيء، وربّما كان سبب هذا الاستعمال هو أنّ هذه الأعمال تفصل الإِنسان عن ربّه وعن القيم الإِنسانية، وتبعده عنهما.
لكن من المسلم هنا أنّه لا يريد كل المجرمين، وإنّما المراد هم المجرمون الذين اتخذوا سبيل الكفر سبيلاً لهم، بقرينة ذكر مسألة الخلود والعذاب الخالد، وبقرينة المقارنة بالمؤمنين الذين مرّ الكلام عنهم في الآيات السابقة. ويبدو بعيداً ما قاله بعض المفسّرين من أنها تشمل كل المجرمين.