( ثم شققنا الأرض شقا ) . . وهذه هي المرحلة التالية لصب الماء . وهي صالحة لأن يخاطب بها الإنسان البدائي الذي يرى الماء ينصب من السماء بقدرة غير قدرته ، وتدبير غير تدبيره . ثم يراه يشق الأرض ويتخلل تربتها . أو يرى النبت يشق تربة الأرض شقا بقدرة الخالق وينمو على وجهها ، ويمتد في الهواء فوقها . . وهو نحيل نحيل ، والأرض فوقه ثقيلة ثقيلة . ولكن اليد المدبرة تشق له الأرض شقا ، وتعينه على النفاذ فيها وهو ناحل لين لطيف . وهي معجزة يراها كل من يتأمل انبثاق النبتة من التربة ؛ ويحس من ورائه انطلاق القوة الخفية الكامنة في النبتة الرخية .
فأما حين تتقدم معارف الإنسان فقد يعن له مدى آخر من التصوير في هذا النص . وقد يكون شق الأرض لتصبح صالحة للنبات أقدم بكثير مما نتصور . إنه قد يكون ذلك التفتت في صخور القشرة الأرضية بسبب الفيضانات الهائلة التي يشير إليها الفرض العلمي السابق . وبسبب العوامل الجوية الكثيرة التي يفترض علماء اليوم أنها تعاونت لتفتيت الصخور الصلبة التي كانت تكسو وجه الأرض وتكون قشرتها ؛ حتى وجدت طبقة الطمي الصالحة للزرع . وكان هذا أثرا من آثار الماء تاليا في تاريخه لصب الماء صبا . مما يتسق أكثر مع هذا التتابع الذي تشير إليه النصوص . .
والشق : الإِبعاد بين ما كان متصلاً . والمراد هنا شقّ سطح الأرض بخرق الماء فيه أو بآلة كالمحراث والمسحاة ، أو بقوة حرّ الشمس في زمن الصيف لتتهيأ لقبول الأمطار في فصل الخريف والشتاء .
وإسناد الصّب والشق والإِنبات إلى ضمير الجلالة لأن الله مقدِّر نظام الأسباب المؤثرة في ذلك ، ومُحْكِمُ نواميسها ومُلهمُ الناس استعمالها .
فالإسناد مجاز عقلي في الأفعال الثلاثة . وقد شاع في { صببنا } و { أنبتنا } حتى ساوَى الحقيقة العقلية .
وانتصب { صبّاً } و { شقاً } على المفعول المطلق ل { صببنا } و { شققنا } مؤكّداً لعامله ليتأتى تنوينه لما في التنكير من الدلالة على التعظيم وتعظيم كل شيء بما يناسبه وهو تعظيم تعجيب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.