المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ أَنزَلۡتُمُوهُ مِنَ ٱلۡمُزۡنِ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنزِلُونَ} (69)

68 - أفرأيتم الماء العذب الذي تشربون منه ، أأنتم أنزلتموه من السحاب أم نحن المنزلون له رحمة بكم{[218]} ؟


[218]:المزن هي السحب الممطرة، وعملية الإمطار تتطلب توفر ظروف جوية خاصة لا يمكن أن يسيطر عليها الإنسان، أو يوفرها صناعيا مثل هبوب تيار بارد فوق آخر ساخن، أو حالات عدم الاستقرار في الجو. وقد حاول الإنسان استمطار السحب العابرة صناعيا إلا أن هذه المحاولات لا تزال مجرد تجارب، على أن الثابت علميا أن نجاح هذه التجارب على نطاق ضيق جدا مع وجوب توفر بعض الظروف الملائمة طبيعيا.

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ أَنزَلۡتُمُوهُ مِنَ ٱلۡمُزۡنِ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنزِلُونَ} (69)

وأنه الذي أنزله من المزن ، وهو السحاب والمطر ، ينزله الله تعالى فيكون منه الأنهار الجارية على وجه الأرض وفي بطنها ، ويكون منه الغدران المتدفقة ، ومن نعمته أن جعله عذبا فراتا تسيغه النفوس .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ أَنزَلۡتُمُوهُ مِنَ ٱلۡمُزۡنِ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنزِلُونَ} (69)

يقول تعالى ذكره : أفرأيتم أيها الناس الماء الذي تشربون ، ءأنتم أنزلتموه من السحاب فوقكم إلى قرار الأرض ، أم نحن منزلوه لكم . وبنحو الذي قلنا في معنى قوله المُزن ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : مِنَ المُزْنِ قال السحاب .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : أأنْتُمْ أنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ أي من السّحاب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أأَنْتُمْ أنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ قال : المزن : السحاب اسمها ، أنزلتموه من المزن ، قال : السحاب .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : أنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ قال : المزن : السماء والسحاب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ أَنزَلۡتُمُوهُ مِنَ ٱلۡمُزۡنِ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنزِلُونَ} (69)

و : { المزن } السحاب بلا خلاف ، ومنه قول الشاعر «السموأل بن عاديا اليهودي ] : [ الطويل ]

ونحن كماء المزن ما في نصابنا . . . كهام ولا فينا يعد بخيل{[10924]}


[10924]:هذا البيت للسموأل، وهو من قصيدته المشهورة التي قالها في الافتخار والاعتزاز بالنسب، والتي يقول في مطلعها: إذا المرء لم يدنس من اللؤم عِرضه فكل رداء يرتديه جميل والمُزن: السحاب الأبيض، واحدته: مُزنة، والنِّصاب: الأصل، والكَهَام: الضعيف المسن، وهما استعارة من "النصاب" بمعنى: المُدية، ومن الكهام بمعنى: غير القاطع.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ءَأَنتُمۡ أَنزَلۡتُمُوهُ مِنَ ٱلۡمُزۡنِ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنزِلُونَ} (69)

والمراد ماء المطر ولذلك قال : { أأنتم أنزلتموه من المزن } ، والمراد : أنزلتموه على بلادكم وحروثكم . وماء المطر هو معظم شراب العرب المخاطبين حينئذٍ ولذلك يقال للعرب : بنو ماء السماء .

والمزن : اسم جمع مُزنة وهي السحابة .

ووجه الاستدلال إنشاء ما به الحياة بعد أن كان معدوماً بأن كوّنه الله في السحاب بحكمة تكوين الماء . فكما استُدل بإيجاد الحي من أجزاء ميتة في خلق الإنسان والنبات استُدل بإيجاد ما به الحياة عن عدم تقريباً لإِعادة الأجسام بحكمة دقيقة خفية ، أي يجوز أن يمطر الله مطراً على ذوات الأجساد الإنسانية يكون سبباً في تخلقها أجساداً كاملة كما كانت أصولها ، كما تتكوّن الشجرة من نواةِ أصلِها ، وقد تم الاستدلال على البعث عند قوله : { أم نحن المنزلون } .

وقوله : { أأنتم أنزلتموه من المزن } جعل استدلالاً منوطاً بإنزال الماء من المزن ، على طريقة الكناية بإنزاله ، عن تكوينه صالحاً للشراب ، لأن إنزاله هو الذي يحصل منه الانتفاع به ولذلك وصف بقوله : { الذي تشربون } . وأعقب بقوله { لو نشاء جعلناه أجاجاً } [ الواقعة : 70 ] فحصل بين الجملتين احتباك كأنه قيل : أأنتم خلقتموه عَذْباً صالحاً للشرب وأنزلتموه من المزن لو نشاء جعلناه أجاجاً ولأمسكناه في سحاباته أو أنزلناه على البحار أو الخلاء فلم تنتفعوا به .