تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱشۡدُدۡ بِهِۦٓ أَزۡرِي} (31)

{ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي } أي : قوني به ، وشد به ظهري ، قال الله : { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱشۡدُدۡ بِهِۦٓ أَزۡرِي} (31)

وقوله - سبحانه - : { واجعل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشدد بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ في أَمْرِي } دعاء آخر تضرع به إلى ربه فى أمر خارجى عنه ، بعد أن دعاه فى أمر يتعلق بصدره ولسانه .

وقوله : { وَزِيراً } من الموازرة وهى المعاونة . يقال : وازرت فلانا موازرة ، إذا أعنته على أمره ، أو من الوزر - بفتح الواو والزاى - وهو الملجأ الذى يعتصم به الإنسان لينجو من الهلاك .

أى : وأسالك - يا إلهى - أن تجعل لى " وزيرا " أى : معينا وظهيرا من أهلى فى إبلاغ رسالتك ، وهذا الوزير المعين هو أخى هارون ، الذى أسألك أن تقوى به ظهرى ، وأن تجعله شريكا لى فى تبليغ رسالتك ، حتى نؤديها على الوجه الأكمل ، وكأن موسى - عليه السلام - قد علم من نفسه حدة الطبع ، وسرعة الانفعال ، فالتجأ إلى ربه لكى يعينه بأخيه هارون ، ليقويه ويتشاور معه فى الأمر الجليل الذى هو مقدم عليه ، وهو تبليغ رسالة الله إلى فرعون الذى طغى وبغى وقال لقومه أنا ربكم الأعلى .

قال ابن عباس : نبىء هارون ساعتئذ حين بنىء موسى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱشۡدُدۡ بِهِۦٓ أَزۡرِي} (31)

فطلب إلى ربه أن يعينه بأخيه يشد أزره ويقويه

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱشۡدُدۡ بِهِۦٓ أَزۡرِي} (31)

القول في تأويل قوله تعالى : { اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِيَ أَمْرِي * كَيْ نُسَبّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن موسى أنه سأل ربه أن يشدد أزره بأخيه هارون . وإنما يعني بقوله : " اشْدُدْ بِهِ أزْرِي " قوّ ظهري ، وأعنّي به . يقال منه : قد أزر فلان فلانا : إذا أعانه وشدّ ظهره . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : " اشْدُدْ بِهِ أزْرِي " يقول : اشدد به ظهري .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " اشْدُدْ بِهِ أزْرِي " يقول : اشدد به أمري ، وقوّني به ، فإن لي به قوّة .

   
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱشۡدُدۡ بِهِۦٓ أَزۡرِي} (31)

وقرأ ابن عامر وحده «أَشدد » بفتح الهمزة و «أُشركه » بضمها على أن موسى أسند هذه الأفعال إلى نفسه ، ويكون الأمر هنا لا يريد به النبوءة بل يريد تدبيره ومساعيه لأن النبوة لا يكون لموسى أن يشرك فيها بشراً ، وقرأ الباقون «أُشدد » بضم الهمزة «وأشرك » على معنى الدعاء في شد الأزر وتشريك هارون في النبوءة وهذه في الوجه لأنها تناسب ما تقدم من الدعاء وتعضدها آيات غير هذه بطلبه تصديق هارون إياه . و «الأزر » بمعنى الظهر قال أبو عبيدة كأنه قال شد به عوني واجعله مقاومي فيما أحاوله وقال امرؤ القيس : [ الطويل ]

بمحنية قد آزر الضال نبتها . . . فجر جيوش غانمين وخيب{[1]}

أي قاومه وصار في طوله ، وفتح أبو عمرو وابن كثير الياء من { أخي } وسكنها الباقون وروي عن نافع «وأشركهو » بزيادة واو في اللفظ بعد الهاء .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱشۡدُدۡ بِهِۦٓ أَزۡرِي} (31)

الشد : الإمساك بقوّة .

والأزر : أصله الظهر . ولما كان الظهر مجمع حركة الجسم وقوام استقامته أطلق اسمه على القُوّة إطلاقاً شائعاً يساوي الحقيقة فقيل الأزر للقوّة .

وقيل : آزره إذا أعانه وقوّاه . وسمي الإزار إزاراً لأنّه يشدّ به الظهر ، وهو في الآية مراد به الظهر ليناسب الشدّ ، فيكون الكلام تمثيلاً لهيئة المعين والمعان بهيئة مشدود الظهر بحزام ونحوه وشادّه .

وعلّل موسى عليه السلام سؤاله تحصيل ما سأله لنفسه ولأخيه ، بأن يسبّحا الله كثيراً ويذكُرَا الله كثيراً . ووجه ذلك أنّ فيما سأله لنفسه تسهيلاً لأداء الدعوة بتوفر آلاتها ووجود العون عليها ، وذلك مظنة تكثيرها .

وأيضاً فيما سأله لأخيه تشريكه في الدعوة ولم يكن لأخيه من قبل ، وذلك يجعل من أخيه مضاعفة لدعوته ، وذلك يبعث أخاه أيضاً على الدعوة . ودعوةُ كلّ منهما تشتمل على التعريف بصفات الله وتنزيهه فهي مشتملة على التسبيح ، وفي الدعوة حثّ على العمل بوصايا الله تعالى عباده ، وإدخال الأمة في حضرة الإيمان والتّقوى ، وفي ذلك إكثار من ذكر الله بإبلاغ أمره ونهيه . ألا ترى إلى قوله تعالى بعد هذه الآيات { اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تَنِيَا في ذِكري } [ طه : 42 ] ، أي لا تضعفا في تبليغ الرسالة ، فلا جرم كان في تحصيل ما دعا به إكثار من تسبيحهما وذكرهما الله .